للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائم على أشده في العقيدة والشريعة والأخلاق والقصص (١).

[شبهة: ورقة ودعوة الإسلام.]

[نص الشبهة]

تدعيم ورقة لمحمد بالتثبيت ونشر الدعوة.

الوجه الأول: هل ورقة هو الذي ثَبَّت محمدًا حقًا؟

فللرد على قولهم: (إن ورقة هو الذي ثَبَّتَ محمدًا في دعوته وبعثته لما عاد خائفًا من غار حراء).

قال عبد المحسن المطيري: قد نص الحديث أن التي ثبتته هي خديجة - رضي الله عنها -، وأما ورقة فقد خوفه فقال: ليتني فيها، جَذِعًا، يا ليتني أكونُ فيها حيًا حين يخرج قومك، فقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ"؟ ! قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ؛ في رواية: عُودِيَ.

وإذا كان ورقة يعرف حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لازمه خمس عشرة سنة، وأخذ منه القرآن، فلماذا يقول: (هذا الناموس - يعني: الوحي - الذي أنزل على موسى)، ويقول: (وإن يدركني يومك حيًا أنصرك نصرًا مؤزرًا)؟ أليس في هذا تصديق له وإثبات صحة نبوته؟

أم أنهم يأخذون من الحديث ما يوافق هواهم ويعرضون عن غيره (٢).

الوجه الثاني: ورقة له دور في الإسلام وهو دور مُعَزِّر لا دور مخطط:

قد يُقال: لماذا تذكر كُتب السيرة ورقة بن نوفل؟ أليس هذا دليلًا على دوره في الإسلام؟

قلنا: لا ندعي أن ورقة ليس له أي فاعلية لتأييد الإسلام؛ بل هذا أمر واجب عليه، فمن عرف الحق وجب عليه أن يوضح للناس أن هذا هو الحق الذي لا مرية فيه خصوصًا إذا كان هذا الحق هو أمر الرسالة الخاتمة. قال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)} [الأعراف: ١٥٧].

قال ابن عاشور: ومعنى: عزروه: أيدوه وقَوَّوْه، وذلك بإظهار ما تضمنته كتبهم من البشارة بصفاته، وصفات شريعته، وإعلان ذلك بين الناس، وذلك شيء زائِد على الإيمان


(١) وحي الله حقائقه وخصائصه ١٠١.
(٢) الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين ١/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>