للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: الآثار التي تمسكوا بها على أن الناسي هو يوسف - عليه السلام - ضعيفة سندًا ومتنًا.

وقد تمسكوا بحديثين وبعض الآثار الموقوفة عن الصحابة؛ وهي ضعيفة:

أولًا: من ناحية السند:

الأول: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو لم يقل يوسف - يعني: الكلمة التي قال - ما لبث في السجن طول ما لبث" يعني: حيث يبتغي الفرج من عند غير الله (١).

قال ابن كثير: وهذا الحديث ضعيف جدًّا؛ لأن سفيان بن وَكِيع ضعيف، وإبراهيم بن يزيد - هو الخُوزي - أضعف منه (٢).

وقال أيضًا: والحديث الذي رواه ابن جرير في هذا الموضع ضعيف من كل وجه؛ تفرد بإسناده إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي وهو متروك (٣).

الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} ما لبث في السجن ما لبث" (٤).

قال ابن كثير: فإنه حديث منكر من هذا الوجه، ومحمد بن عمرو بن علقمة له أشياء ينفرد بها وفيها نكارة، وهذه اللفظة من أنكرها وأشدها، والذي في الصحيحين يشهد بغلطها (٥).

وقد جاء مثل هذا مرسلًا عن:


(١) ضعيف جدًّا. أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ٢٢٣)، وابن أبي الدنيا في (العقوبات ١٦٠)، الطبراني في الكبير (١١/ ١١٦٤٠) من حديث عمرو بن محمد، عن إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس به، وفيه إبراهيم بن يزيد: متروك الحديث (التقريب ١/ ٣٥)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/ ١٤٦)، ميزان الاعتدال (١/ ٧٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٨/ ٤٦).
(٣) البداية والنهاية (١/ ٢١٣).
(٤) منكر. أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١١٦٣٤)، ابن حبان في صحيحه (٦٢٠٦) من حديث مسدد: ثنا خالد بن عبد الله، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به. فيه محمد بن عمرو؛ قال ابن حجر: صدوق له أوهام (التقريب ٢/ ٥٤٤)، وقد انفرد بالحديث، وعُدّ هذا الحديثُ من أوهامه.
(٥) البداية والنهاية (١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>