للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت يهودي ابن يهودي تشقي نفسك، وتقتلها فيما ليس لك، فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك، وإن ظهر أبغضهما إليك نكل بك، وقتلك، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه، ورمى غير غرضه، فأكثر الحز، وأخطأ المفصل فخذله قومه، وأدركه يومه، فمات بحوران طريدًا غريبًا، والسلام. فكتب إليه قيس بن سعد -رحمه الله-: أما بعد: فإنما أنت وثن ابن وثن من هذه الأوثان، دخلت في الإسلام كرهًا، وأقمت عليه فرقًا، وخرجت منه طوعًا، ولم يجعل الله لك فيه نصيبًا، لم يقدم إسلامك، ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حربًا لله ورسوله، وحزبًا من أحزاب المشركين، فأنت عدو الله ورسوله، والمؤمنين من عباده. وذكرت أبي، ولعمري ما أوتر إلا قوسه، ولا رمى إلاغرضه، فشغب عليه من لا تشق غباره، ولا تبلغ كعبه، وكان امرأً مرغوبا عنه، مزهودًا فيه. وزعمت أني يهودي ابن يهودي، ولقد علمت وعلم الناس أني وأبي من أنصار الدين الذي خرجت منه، وأعداء الدين الذي دخلت فيه، وصرت إليه، والسلام. فلما قرأ معاوية غاظه، وأراد إجابته، فقال له عمرو: مهلًا، إن كاتبته أجابك بأشد من هذا، وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس، فأمسك عنه.

قال: وبعث معاوية عبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بن سمرة إلى الحسن للصلح، فدعواه إليه، وزهداه في الأمر، وأعطياه ما شرط له معاوية، وألا يتبع أحد بما مضى، ولا ينال أحد من شيعة علي بمكروه، ولا يذكر عليًّا إلا بخير، وأشياء اشترطها الحسن. فأجابه الحسن إلى ذلك، وانصرف قيس فيمن معه إلى الكوفة، وانصرف الحسن إليها أيضًا، وأقبل معاوية قاصدًا الكوفة، واجتمع إلى الحسن وجوه الشيعة، وأكابر أمير المؤمنين يلومونه ويبكون إليه جزعًا مما فعله (١).

الرواية الثانية: عن الشعبي، عن سفيان بن الليل، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، وأكثر اللفظ لأبي عبيد، قال: أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية، فوجدته بفناء داره، وعنده رهط، فقلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: عليك السلام يا سفيان،


(١) لا أصل له بهذا السياق. وهو من كلام أبي الفرج الأصفهاني الشيعي في مقاتل الطالبيين من غير إسناد، ثم ساق بعد ذلك من الأسانيد ما يدل على بعض كلامه هذا، وكلها لا يصح منها شيء كما سيأتي. وانظر مقاتل الطالبيين في ذكر الحسن بن علي رضي الله عنهما (١/ ١٢ - ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>