للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت في تراب الأرض، ولقد كانت البشارة للنبي زكريا أنه سيُرزق بابن اسمه يحيى (يوحنا) يتقدم في بني إسرائيل بروح إيليا: "وخمرًا ومسكرًا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس ... ويتقدم أمامه بروح إيليا" (لوقا ١/ ١٣: ١٧).

لقد جاء يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) تقوده روح إيليا النبي الذي ظهر قبله بقرون، ومن هنا قال المسيح عن يحيى هذا "إن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي".

القرآن يقرر أن إنجيل المسيح، أي الإنجيل الأصلي هو هدى ونور، وهذا حق لا مرية فيه، أما أناجيل النصارى، فلم يعد هناك شك بين علمائها، وأنها تعرضت للتحريف عبر القرون؛ بل ولا تزال تُحرف حتى وقتنا هذا. (١)

ونحن نطلب الآن من كل الطوائف النصرانية أن يظهروا لنا إنجيل عيسى الذي كان يكرز به بين الناس، فالذي بين أيدينا هي أناجيل بعض التلاميذ وتلاميذ التلاميذ، فالقرآن أثنى على إنجيل عيسى وأنتم تفتقدونه اليوم، فبأي وجه تعترضون؟ .

الوجه الثالث: مدح التوراة والإنجيل لا يعني مدح اليهود والنصارى.

فقد مدح الله التوراة (توراة موسى - عليه السلام -)، والإنجيل (إنجيل عيسى - عليه السلام -)، ومع ذلك فقد بين صفات اليهود والنصارى (أهل الكتاب) من الغدر والكذب والخيانة، وقد حكم الله عليهم بالكفر لما فعلوه أو قالوه عن الله وبين أنهم من أصحاب النار بهذه الأفعال وغيرها.

قال ابن تيمية وإذا كان ما ذكره من مدح موسى والتوراة لم يوجب ذلك مدح اليهود الذين كذبوا المسيح ومحمدًا صلى الله عليهما وسلم تسليمًا، وليس فيه ثناء على دين اليهود المبدل المنسوخ باتفاق المسلمين والنصارى، فكذلك أيضًا ما ذكره من مدح المسيح والإنجيل، ليس فيه مدح النصارى الذين كذبوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وبدلوا أحكام التوراة والإنجيل، واتبعوا المبدل المنسوخ، واليهود توافق المسلمين على أنه ليس فيما ذكر مدح للنصارى، والنصارى توافق المسلمين على أنه ليس فيما ذكر مدح لليهود بعد النسخ والتبديل. فعلم


(١) القرآن لا يشهد لتوراة اليهود (٤٤: ٥٥)، وانظر مبحث التحريف في هذه الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>