المسيح. فسألوه إذًا ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا، أنبي أنت؟ فأجاب لا. فقالوا له: ماذا تقول عن نفسك؟ قال: أنا صوت صارخ في البرية ... فسألوه وقالوا له: فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟ " (يوحنا ١/ ٢٥: ١٩).
من الواضح تمامًا أن لكل واحد من الثلاثة الذين كان ينتظرهم اليهود اسمًا يُعرف به، وأن أسمائهم وترتيب ظهورهم هكذا: إيليا ثم المسيح ثم النبي، وأن ذلك النبي المرتقب يأتي بعد المسيح، ولما كان اليهود قد اشتهروا بظهور الأنبياء فيهم، فإن تسمية هذا المرتقب الأخير باسم (النبي) يعني ولا شك أنه نبي، ولكنه ليس ككل الأنبياء، إنه نبي أمره جلل وشأنه عظيم، إنه نبي الزمان.
وحتى بعد ظهور المسيح، استمر اليهود يخلطون بينه وبين النبي المرتقب، فقد حدث "في اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلًا إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب ... فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي. وآخرون قالوا هذا هو المسيح ... فحدث انشقاق في الجمع لسببه" (يوحنا ٧/ ٢٤: ٣٤).
النبي المرتقب إذن يأتي بعد المسيح، هذا حق لا مرية فيه، ولم يأت بعد المسيح إلا محمد رسول الله إلى العالمين، هذا ولقد بين المسيح أن إيليا المنتظر الأول من أولئك الثلاثة قد جاء في شخص يوحنا المعمدان، فقد "ابتدأ يسوع يقول للجموع عن يوحنا: ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا؟ أنبيًّا؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي ... إن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي" (متى ١١/ ١٤: ٧).
ومرة أخرى "سأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة: إن إيليا ينبغي أن يأتي أولًا (قبل المسيح)، فأجاب يسوع وقال لهم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه؛ بل عملوا به كل ما أرادوا (أي قتلوه) ... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" (متى ١٧/ ١٠: ١٣).
لقد ظهر النبي إيليا (إلياس) في بني إسرائيل في منتصف القرن التاسع قبل الميلاد، وانتهت حياته برفعه إلى السماء حيًّا، وكأنها تمهيد لرفع المسيح حيًّا إلى السماء دون أن يذوق