للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتخليفه، وقد ضرب له بسهمه وأجره، فشاركهم في الغنيمة والفضل والأجر، ولطاعته الله ورسوله وانقياده لهما" (١).

الوجه الثاني: النفير لغزوة بدر لم يكن عامًا: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما خرج يريد عيرا ولم يكن يريد غزوا ولذلك لم يعنف أحدا لم يشهدها وقد تخلف عن غزوة بدر كثير من الصحابة، فعدم حضور بدر ليس بعيب في آحاد الصحابة، فكيف يكون عيبا فيمن قعد لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثانيًا: توليه يوم أحد عن المعركة

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: أن كثيرا من الصحابة تفرقوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبب مخالفة الرماة لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبق معه إلا النفر القليل فلماذا الغضب على عثمان وحده؟]

عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ في سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمّا رَهِقُوهُ قَالَ: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الجنّة أَو هُو رَفِيقِي فِي الجنَّةِ". فتقَدَّمَ رَجُل مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا فَقَالَ: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الجنّة أَو هُو رفيقي في الجنَّةِ". فَتَقَدَّمَ رَجُل مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِصَاحِبَيْهِ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا" (٢).

الوجه الثاني: أن الله عفا عن جميع المتولين يوم أحد: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٥٥)} [آل عمران: ١٥٥]. عن عثمان بن موهب قال: جاء رجل من أهل مصر وحج البيت فرأى قومًا جلوسًا فقال من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ فيهم؟ قالوا عبد الله بن عمر، قال: يا ابن عمر، إني سائلك عن شيء فحدثني هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال نعم. فقال: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم


(١) الإمامة لأبي نعيم والرد على الرافضة (ص: ٣٠١ - ٣٠٢) نقلًا من فتنة مقتل عثمان للغبان.
(٢) مسلم (١٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>