للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ" (١).

الإحسان إلى الأم: ومن الإحسان إليها أن لا يخرج للجهاد بدون إذنها وإذن أبيه، وهذا مستفاد من قوله - صلى الله عليه وسلم - لرجل جاءه فقال: "جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبواي يبكبان، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ارجع اليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما" (٢). قال الخطابي: إن كان الخارج فيه متطوعًا؛ فإن ذلك لا يجوز إلا بإذن الوالدين، فأما إذا تعين عليه فرض الجهاد فلا حاجة إلى إذنهما، هذا إن كانا مسلمين، فإن كانا كافرين، يخرج بدون إذنهما فرضا كان الجهاد أو تطوعًا (٣). وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) (٤).

واستدل به على تحريم السفر بغير إذن؛ لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته فالسفر المباح أولى (٥).

حقها في النفقة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم" (٦).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك" (٧). ولما كان الأب هو سبب وجود هذا الرجل، فكان من أهنأ وأحل الطعام من مال هذا الرجل، ولأن الرجل بعضه، وحكم بعضه حكم نفسه، ثم بين في الحديث الثاني: أن وجودك سبب وجود مالك، فصار له بذلك حق كان به أولى منك بنفسك، فإذا احتاج فله أن يأخذ منه قدر الحاج، فليس المراد إباحة ماله له حتى يستأصله بلا حاجة، ولوجوب نفقة الأصل على فرعه (٨).


(١) مسلم (٩٠).
(٢) أبو داود (٢٥٢٨٩)، النسائي (٤١٦٣)، وابن ماجه (٢٧٨٢) وهو في صحيح أبي داود (٢٢٠٥).
(٣) عون المعبود (٥/ ٤٢٤).
(٤) البخاري (٣٠٠٤)، مسلم (٢٥٤٩)
(٥) فتح الباري (٦/ ١٥٩).
(٦) الترمذي (١٣٥٨)، ابن ماجه (٢٢٩٠)، وهو في صحيح ابن ماجه (١٨٥٤).
(٧) ابن ماجه (٢٢٩١)، مسند أحمد (٢/ ٢٠٤)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (١٨٥٥).
(٨) فيض القدير (٣/ ٥٢: ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>