للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى الله وَمَنْ مَعَهُ مِنْ المُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: "اغْزُوا بِاسْمِ الله، فِي سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا". (١)

قَالَ عَبْدُ الله بنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: "اللهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ". (٢)

ثم أمكنه الله تعالى منهم فعاد فاتحًا مكة ومعه أكثر من عشرة آلافٍ معهم السيوف مسلطة على رؤوس قريش، وهو يقول لهم: "ما ترون أني صانعٌ بكم؟ " قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ، قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ولم يجعل منها فيئًا قليلًا ولا كثيرًا، لا دارًا ولا أرضًا ولا مالًا، ولم يسب من أهلها أحدًا، وقد قاتله قومٌ فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئًا، ولم يجعله فيئًا. (٣)

وقد كان - صلى الله عليه وسلم - قادرًا على أن يأسرهم جميعًا، ويسبي نساءهم وذراريهم، ويستولي على أموالهم وما يملكون، لكنه - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم وخاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم -.

[الوجه الخامس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس وأكرمهم.]

ومما يُرَدُّ به على هذه الفرية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أجود الناس وأكرمهم.

ففي الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ. فَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. (٤)


(١) مسلم (١٧٣١).
(٢) البخاري (٣٤٧٧)، (٦٩٢٩).
(٣) سنن البيهقي الكبرى ٩/ ١١٨ (١٨٧٣٩).
(٤) البخاري (٣٥٥٤)، مسلم (٢٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>