للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعظامه بعمله؛ وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط اللَّه عليه" (١).

[الوجه العاشر: الرد على شبهات متعلقة ببعض الآيات]

١ - في قوله تعالى: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}.

نص الشبهة: أن قوله: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} (الأنعام: ٢٢ - ٢٣) تدل أنهم كتموا الشرك وأنكروا أنهم أشركوا في الدنيا، مع أنه ورد في (سورة النساء: ٤٢): {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}، ففي الآية الأولى نرى أنهم كتموا وتكلموا وأنكروا الشرك، وفى الثانية أنهم لا يكتمون ففي آية كتموا، وفي آية لم يكتموا؟ !

والرد على هذه الشبهة كما يلي: ففي قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} (النساء: ٤٢).

أولًا: أنه عطف على قوله: {لَوْ تُسَوَّى} أي: ويودون أن لو لم يكتموا اللَّه حديثًا، لأنهم إذا سئلوا قالوا: {رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فتشهد عليهم جوارحهم بما عملوا فيقولون: يا ليتنا كنا ترابًا، ويا ليتنا لم نكتم اللَّه شيئًا، وهذا قول ابن عباس.

ثانيًا: أنه كلام مستأنف والمراد به: أنهم لا يكتمون اللَّه شيئًا من أمور الدنيا وكفرهم، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا ينفعهم الكتمان، وإنما يقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} في بعض الأحوال، فإن للقيامة مواطن وأحوالًا، ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسًا، وفي موطن ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي ظنًا منهم أن ذلك ينفعهم، وفي موطن يعترفون بما فعلوه؛ عن الحسن.

ثالثًا: أن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شيء من اللَّه تعالى لأن جوارحهم تشهد عليهم بما فعلوه، فالتقدير: لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه هم.


(١) رواه مسلم (٢٩٦٨) (كتاب الزهد والرقائق).

<<  <  ج: ص:  >  >>