للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت، وعثمان؟ إن عثمان عمل بالجور، ونبذ حكم القرآن، وقد قال الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون؛ فنقمنا ذلك عليه فقتلناه، وحسَّنْتَ أنت له ذلك ونظراؤك، فقد برأنا الله إن شاء الله من ذنبه، وأنت شريكه في إثمه، وعظم ذنبه، وجاعلك على مثاله، قال: فغضب معاوية فقدمه، فقتله، ثم ألقاه في جيفي حمار، ثم أحرقه بالنار. فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعًا شديدًا وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو، ثم قبضت عيال محمد إليها، فكان القاسم بن محمد بن أبي بكر في عيالها. (١)

والجواب عن هذه الرواية من وجهين

الأول: أنها باطلة من جهة الإسناد.

الثاني: أنه قد صح عن عائشة في شأن معاوية في حديج خلاف هذا.

وهو حديث عبد الرحمن بن شماسة قال: أتيت عائشة أسألها عن شيءٍ فقالت ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر، فقالت: كيف كان صاحبكم -ابن حديج- لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئًا؛ إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير، والعبد فيعطيه العبد، ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة. فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في بيتي هذا: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به". (٢)

[الوجه الثاني: أن معاوية أمر بقتاله، ولم يأمر بقتله، ولكنه أحبه، وكذلك فعل أنصاره لاشتراكه في الخروج على عثمان.]

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وكتب عمرو بن العاص إلى محمد بن أبي بكر:

أما بعد: فتنح فإني لا أحب أن يصيبك مني ظَفَرٌ فإن الناس قد اجتمعوا بهذه البلاد على خلافك، ورفض أمرك، وندموا على اتباعك فهم مسلموك، لو قد التقت حلقتا البطان


(١) موضوع. أخرجه الطبري (٣/ ١٣٢) فقال: قال أبو مخنف فحدثني محمد بن يوسف بن ثابت الأنصاري عن شيخ من أهل المدينة، وذكره مطولا وفيه أبو مخنف شيعي جلد لا يقبل عنه مثل هذا والشيخ من أهل المدينة مجهول لا يدرى من هو مع ظهور أهل البدع في ذلك الزمان.
(٢) أخرجه مسلم (١٨٢٨)، وما بين المعقوفين من السنن الكبرى للبيهقي (٩/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>