ثم هو مع ذلك منكر لمخالفته الصحيح الذي سيأتي؛ ولذا لا يقال: إن المرسل يقويه، والله أعلم. وانظر الإرواء للألباني (٧/ ١٤٧). ولا يقال كذلك: هذا من باب المجمل والمفصل، فيحمل المجمل الذي في الصحيح المسند على المفصل الذي في المرسل؛ لأن فيهما تعارض بَيِّنٌ حيث صرحت سودة في الرواية الصحيحة أنها تبتغي بذلك رضا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا ثبت أنه طلقها أو هَمَّ بطلاقها؛ فإن في هذا رضاه، فكيف تخالف رضاه ثم تزعم أنها تبتغي رضاه؟ وإذا علم هذا فلابد من ترجيح الصحيح ورد ما خالفه روايةً وفهمًا، والله أعلم. (١) معضل. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٨/ ٤٤) من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام الدستوائي، حدثنا القاسم بن أبي بزة به؛ والقاسم ثقة من الخامسة؛ تقريب التهذيب (٥٤٥٢)، ثم هو مع ذلك منكر لمخالفته الصحيح، قال الألباني: وهذا مرسل أو معضل؛ فإن القاسم هذا تابعي صغير روى عن أبي الطفيل، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وغيرهم، وهو مع إرساله منكر؛ لأن الروايات المتقدمة صريحة في أنه: لم يطلقها، وهذا يقول: بعث إلى سودة بطلاقها. الصحيحة للألباني (٤/ ٥٣). وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق هشام به. وجاء في لفظه: لقد كبرت وما لي حاجة إلى الرجال، ولكني أريد أن أبعث وأنا من نسائك، فراجعها، فقالت: فإني أهب يومي وليلتي لقرة عين رسول الله: عائشة مسند إسحاق ابن راهويه (٢٠٤٩). وهذا أيضًا ضعيف لنفس العلة السابقة وعلى فرض صحته يكون من مناقب سودة، ولا طعن فيه في رسول الله؛ لأنها هي التي قالت: أنا كبرت؛ ولأنها طلبت أن تبقى لتبعث في نسائه ومن كريم خلقه: أرجعها، ولم يجبرها على التنازل، ولم يطلبه منها، ولا ساومها عليه، ولكنها تنازلت بعدما راجعها، وصرحت بأن ذلك قرة لعين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.