للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرام في المنام فقال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (الفتح: ٢٧)، وقال على لسان الخليل إبراهيم -عليه السَلام-: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (الصافات: ١٠٢)، والمقصود من ذلك تقوية الدلالة على كونهم صادقين، لأن الحال إما حال يقظة وإما حال منام، فإذا تظاهرت الحالتان على الصدق، كان ذلك هو النهاية في بيان كونهم محقين صادقين في كل الأحوال (١).

[الباب الثاني]

[الوجه الأول: بطلان العلاقة بين الذبيح والصلب والفداء على زعمهم.]

[١ - بطلان هذا القياس الفاسد]

وذلك أن النصارى قد تابعوا اليهود في أن الذبيح إسحاق -عليه السلام- وكان حادث الذبيح فرصة ثمينة تلقفها الذين بدلوا دين المسيح عيسى -عليه السلام- حيث اتخذوها سندًا وحجةً لعقيدة الصلب والفداء ومن هذا الملق أيضًا رأوا أن الذبيح إسحاق، فلو كان إسماعيل لما كان لاستشهادهم به على ما زعموه من طلب المسيح وتقديمه لذبيحة للخلاص والفداء أي تأثير حيث أن المسيح عيسى ابن مريم من ذرية إسحاق وليس من ذرية إسماعيل عليهم جميعًا وعلى نبينا أفضل الصلوات وأزكى التسليمات.

جاء في (السنن القويم) أن كون إسحاق أطاع أباه ولم يمانع يعد رمزًا إلى المسيح الذي سيق إلى الذبح ولم يفتح فاه إطاعة لإرادة أبيه فأحياه الله كما أحيا ابنه، فكان في هذه التجربة قصد روحي وهو الإيمان إلى الذبيحة الكفارية ذبيحة الفادي التي هي غنى الكنيسة المسيحية وركن دينها وتعليمها وسعادتها كنيسة الله التي اشتراها بدمه.

ذكر الدكتور (ف. ب) ما يراه أن تصرف إبراهيم في هذه الحادثة يزيدنا فهمًا للذبيحة التي قدمها الله لخلاصنا فإن خضوع إسحاق وهو موضوع على المذبح ورقبته معرضة للسكين يعطينا فكرة أعمق من طاعة المسيح حتى الموت كذلك فإن إعادة إسحاق حيًا كمن قام من الأموات بعد أن صار في حكم المائت في نظر والده ثلاثة أيام يعطينا فكرة عن


(١) الرازي في تفسيره ٢٣/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>