للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيام المسيح من الأموات في اليوم الثالث، ثم يذكر أن الحقيقة تفوق الرمز: فإن إسحاق تألم وهو شاعر تمامًا بوجود أبيه معه، أما المسيح فقد تصاعدت من جنبه تلك الصرخات المدوية (إِلهِي، إِلهِي، لِماذَا تَرَكْتَنِي)، وإسحاق بذل معه كل ما يمكن تخفيف آلامه وأحزانه، أما المسيح فقد قاسى الأمرين من جند الرومان ثم من الكتبة والفريسيين، إسحاق نجا من الموت أما المسيح فقد شرب الكأس حتى الثمالة (١).

وعلى هذا المنوال نسج شراح الكتاب المقدس ومفسروه من النصارى باذلين أقصى جهودهم في الربط بين إسحاق والمسيح، واستغلال حادث الذبح في صنع متكئًا يتكئون عليه، ومصدر ينهلون منه ليدعموا هذه العقيدة التي أبطلها القرآن الكريم بطلانًا قاطعًا وحاسمًا في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨)} (النساء: ١٥٧ - ١٥٨) (٢).

* * *


(١) قلت: وشتان بين الجمع ما بين قصة الذبيح وبين ما فعلوه مع المسيح عيسى -عليه السلام- والبراهين واضحة فإن إبراهيم -عليه السلام- أراه الله رؤيا أن يذبح ابنه ورؤيا الأنبياء حق هذه واحدة، والثانية أن الذي قام بالفعل هو إبراهيم -عليه السلام- بأمر الله سبحانه وتعالى وهو نبي معصوم وأنتم على زعمكم الباطل قمتم بالفعل والفارق واضح، والثالثة أن الله فداه -أي الذبيح- ابن إبراهيم -عليه السلام- فكانت معجزة وكرامة وفضل لإبراهيم ولولده وأنتم تزعمون أنه قتل ... !
(٢) قصة الذبيح صـ ٣٢: ٣١ د/ فتحي محمد الزغبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>