للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان حال الرواية]

١ - لا يشترط أن خديجة أخبرت ورقة بما حدث لمحمد مما تحدَّث به ميسرة أنه موقف مغاير لما حدثته بأمر الناموس، فهناك تشابه بين الروايتين مثل قول ابن إسحاق: (وكان ابن عمها، وكان نصرانيا، قد تبع الكتب)، وقوله:

فإن أبق حتى يدرك الناس دهره ... فإني به مستبشر الود فارح

وإلا فإني يا خديجة فاعلمي ... عن أرضك في الأرض العريضة سائح

فإخبار خديجة ورقة بما حدث من أمر الملكين اللذين يظلانه، وأمر الناموس؛ كان كل هذا في موقف واحد.

٢ - فعندما أخبر ميسرةُ خديجة أنه رأى ملكين يظلان محمدًا، وقال لها ما قاله الراهب، احتفظت خديجة هذا الخبر في ذاكرتها إلى أن تزوجت من محمد، فعندما نزل عليه الناموس أيضًا وخافت على زوجها أخبرت ورقة بما حدث لمحمد في الماضي والحاضر لتعرف هل سيكون عليه خطورة في المستقبل؟

فإننا أثبتنا أن ورقة ما زال مشركًا قبل زواج محمد - صلى الله عليه وسلم - من خديجة، وهذه الرواية يقول فيها: (قد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه) فذلك دليل على أن ورقة قال ذلك الكلام بعد قدومه من الشام.

وقال أيضًا:

لَجِجْت وَكُنْت فِي الذّكْرَى ... لَجُوجًا لِهَمّ طَالمَا بَعَثَ النّشِيجَا

وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا

بِبَطْنِ الْمَكّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي ... حَدِيثَك أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجَا

بِمَا خَبّرْتنَا مِنْ قَوْلِ قَسّ ... مِنْ الرّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا

بِأَنّ مُحَمّدًا سَيَسُودُ فِينَا ... وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجًا

وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءَ نُورٍ ... يُقِيمُ بِهِ الْبَرّيّةَ أَنْ تَمُوجَا

فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خَسَارًا ... وَيَلْقَى مَنْ يُسَالِمُهُ فُلُوجَا

<<  <  ج: ص:  >  >>