للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥ - شبهة: معرفة الجنين.]

[نص الشبهة]

لقد حاول الطاعنون الإساءة إلى القرآن الكريم قائلين: إن العلم الحديث يمكنه معرفة الجنين قبل ولادته، فما هي المزية والإعجاز في قوله: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: ٨].

والجواب على هذه الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: علم اللَّه لمثل هذه الأمور علم أزلي، وشتان بين علم اللَّه وعلمهم.

وبيان ذلك في النقاط التالية:

١ - إن اللَّه تعالى يعلم ما تحمل كل أنثى قبل حملها، بل قبل جماعها، بل قبل خلقها، وكل ذلك بعلمه الأزلى كما صح في الحديث أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّه الْقَلَمَ فَقَالَ اكْتُبْ. فَقَالَ مَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبِ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الأَبَدِ" (١).

وصح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كَتَبَ اللَّه مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ -قَالَ- وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ". (٢)

فهل يمكن للعلم الحديث أن يأتي على فتاة في الخامسة من عمرها ويخبرنا عن هذه البنت هل ستحمل أم لا؟ فإذا قال تحمل، فليقل لنا بمن؟ وبكم؟ وفي أي وقت؟ فإن عجز فقد عجز، وهو لا يستطيع أن يعلم ذلك، لكن ربنا سبحانه كل شيء عنده بمقدار كما في الآية التي معنا، وهو الذي أحاط بكل شيء علما قبل وجوده وبعد وجوده.

٢ - إن اللَّه أخبر في هذه الآية عن تمام علمه الذي لا يخفى عليه شيء، وأنه محيط بما تحمله الحوامل ومن كل إناث الحيوانات كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ


(١) الترمذي (٢١٥٥)، والطيالسي في مسنده (٥٧٧)، وصححه الألباني في ظلال الجنة (١٠٥).
(٢) مسلم (٢٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>