للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} (لقمان: ٣٤) (١).

فهذه الوحوش الكاسرة والأسماك البحرية الكبيرة الفاتكة بما وصل إليها هل يستطيع البشر أن يحدد لنا الآن ما يحمل منها وما لا يحمل، وهذه الحشرات الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة والتي لم يكتشفها العلم بعد وماذا تحمله إناثها؟ !

والجواب: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى} وفي وقت واحد وآن واحد.

٣ - إن اللَّه يعلم ما تحمل كل أنثى من ذكر وأنثى (٢) منذ التلقيح، بل قبله إذا لقحت بماذا تلقح، فهل يستوي هذا بعلم من يعلمونه بعد الخلق والتكوين؛ ثم إننا نسألهم عما في بطن الحشرات التي لا ترى بالعين أهو ذكر أم أنثى!

٤ - وكذلك يعلم اللَّه تعالى أَحَسَنٌ هذا الحمل أم قبيح (٣)، طويل أم قصير، عظيم الخلقة أم حقير، وذلك على سبيل العلم لا على سبيل الظنون والاحتمالات.

٥ - إن اللَّه يعلم ما في الأرحام، وما تحمل كل أنثى، ومما يشمله العلم أشقيٌ هو أو سعيد (٤) غني أو فقير، عزيز أو ذليل، خادم أو مخدوم، ما هي مهنته؟ وما هي صنعته؟ فهل يمكن للعلم الحديث أن يقول لنا عما في بطن هذه المرأة أنه سيكون رئيسًا للعالم أم أنه سيكون شقيًا في السجون طيلة حياته؟ وهل سيرزق بأولاد أم أنه سيكون عقيمًا؟ وأولاده يعيشون أم يموتون؟ وهل يموتون قبله أم بعده؟ . . . إلخ.

ثم انظر في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ


(١) تفسير ابن كثير -آية ٨ سورة الرعد-، وانظر: فتح القدير، وتفسير الرازي نفس الموضوع.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نفس المصدر، وانظر معالم التنزيل للبغوي - آية (٨) سورة الرعد.
(٤) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>