للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن رجب الحنبلي: النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان خلافه، وهو في الشرع ينقسم إلى قسمين: أحدهما: النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار، والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحه ويبطن ما يخالف ذلك (١).

إجراء أحكام الإِسلام الظاهرة على المنافقين:

والمنافقون تجرى عليهم في الظاهر أحكام الإِسلام، ولم يكن أحد من الطلقاء بعد الفتح يظهر المحادة للَّه ورسوله، بل يرث ويورث ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، وتجرى عليه أحكام الإِسلام التي تجرى على غيره (٢).

[حكم النفاق]

فقد نطق القرآن بكفر المنافقين في غير موضع، وجعلهم أسوا حالًا من الكافرين، وأنهم في الدرك الأسفل من النار، وأنهم يوم القيامة يقولون للذين آمنوا {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥)} (الحديد: ١٣: ١٥).

وأمر نبيه في آخر الأمر بأن لا يصلي على أحد منهم، وأخبر أن لن يغفر لهم، وأمره بجهادهم والإغلاظ عليهم، وأخبر أنهم إن لم ينتهوا ليغرين اللَّه نبيه بهم حتى يقتلوا في كل موضع (٣).


(١) جامع العلوم والحكم (٥٢٠، ٥٢١. الحديث الثامن والأربعون).
(٢) منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٦٩).
(٣) الصارم المسلول (٣٦، ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>