للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاني وشبهها راجعه عمر - رضي الله عنه -. (١)

[الوجه الرابع: لعلهم ظنوا أنه اختبار من النبي - صلى الله عليه وسلم -.]

وقيل: إنه كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم على طريق المشورة والاختبار وهل يتفقون على ذلك أم يختلفوا فلما اختلفوا تركه (٢).

[الوجه الخامس: وقيل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطلب، ولكن طلب منه أن يكتب فقال: ائتوني. . .]

وقالت طائفة أخرى: أن معنى الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مجيبًا في هذا الكتاب لما طلب منه لا أنه ابتدأ بالأمر به، بل اقتضاه منه بعض أصحابه فأجاب رغبتهم وكره ذلك غيرهم للعلل التي ذكرناها، واستدل في مثل هذه القصة بقول العباس لعليّ: انطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كان الأمر فينا علمناه، وكراهة على هذا وقوله: "والله لا أفعل" -الحديث- واستدل بقوله: "دعوني فإن الذي أنا فيه خيرٌ" أي: الذي أنا فيه خير من إرسال الأمر وترككم وكتاب الله وأن تدعوني مما طلبتم، وذكر أن الذي طلب كتابه أمر الخلافة بعده وتعيين ذلك (٣).

[الوجه السادس: إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - كلامهم بعدم الإنكار عليهم]

قال القرطبي: ولهذا عاش - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك أيامًا ولم يعاود أمرهم بذلك، ولو كان واجبًا لم يتركه لاختلافهم؛ لأنه! يترك التبليغ لمخالفة من خالف (٤).

قال ابن حجر: قوله: ولا ينبغي عندي التنازع فيه إشعار بأن الأولى كان المبادرة إلى امتثال الأمر وإن كان ما اختاره عمر صوابًا إذ لم يتدارك ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد كما قدمناه.

واعلم أن قول عمر - رضي الله عنه -: (حسبنا كتاب الله) ردٌّ على من نازعه لا على أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٥).

* * *


(١) شرح النووي على مسلم (١١/ ٩١)، فتح الباري (١/ ٢٥٢).
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفي (٢/ ١٩٤).
(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفي (٢/ ١٩٥).
(٤) فتح الباري (١/ ٢٥٢).
(٥) شرح النووي على مسلم (١١/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>