للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزجاج: وحقيقته: أنه البستان الذي يجمع ما يكون في البساتين، وكذلك هو عند أهل كل لغة، والفردوس: حديقة في الجنة، والفردوس: أصله رومي عُرِّبَ، وهو البستان كذلك جاء في التفسير، والعرب تسمي الموضع الذي فيه كرم: فردوسًا.

وقال أهل اللغة: الفردوس مذكر، وإنما أنث في قوله تعالى: {هُمْ فِيهَا}؛ لأنه عنى به الجنة، وفي الحديث: نسألك الفردوس الأعلى. وأهل الشام يقولون: للبساتين والكروم: الفراديس، وقال الليث: كرم مفردس؛ أي معرش. (١)

فمن خلال ما ذكرنا يتبين أن الفردوس كلمة تستعمل في العربية والرومية على حد سواء، وقد ذكرت في القرآن فهي عربية.

[الوجه الثاني: هل الفردوس هو الجنة نفسها؟ أم مكان في الجنة؟ أم جنة قائمة بذاتها؟ !]

ونقول: الفردوس هو مكان في الجنة، ودرجة من درجاتها، وليس الجنة ذاتها، ولا جنة قائمة بذاتها.

وما ذكره هذه المعترض كله حق ولكنه لا يفهمه، فهو أعلى درجة في الجنة باعتبار النعيم، وهو أوسط الجنة باعتباره تحت العرش، وأرفعها باعتبار منزلتها فهي أفضل الجنان؛ ولذلك جاء في حديث أبي هريرة قَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِذَا سَأَلْتُمُ الله فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ، وَأَعْلَى الجنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ". (٢)

فالفردوس: هو أعلى درجات الجنة، وفي هذا حث للمسلمين على الاجتهاد في العبادة، وأن الله تعالى يجازي كلا بحسب عمله، ولا يظلم ربك أحدًا.

وأيضًا: الفردوس هو ربوة الجنة باعتباره أعلاها، فالربوة هي المكان المرتفع، وهي سرة الجنة باعتباره أوسطها كما قدمنا، وسرة الشيء أوسطه، فلا فرق بين هذه الثلاثة، فلا تناقض بينها والله أعلم.


(١) لسان العرب (٦/ ١٦٣).
(٢) البخاري (٢٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>