للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبق سوى اللجوء إلى الطلاق، وبهذا يتضح أمام الباحث المنصف الحكمة من وراء مشروعية الطلاق في الإسلام، وأنه من محاسنه ومزاياه؛ لأنه راعي واقع النفوس البشرية وطبيعتها وما يعتريها من تغير في كل الأزمان. (١)

[١١. ومن خلال ما مر عليك أيها القارئ الكريم ترى أن من أقوى الأسباب الداعية إلى الطلاق حدوث الشقاق]

وهناك سبب آخر يدعو إلى الطلاق؛ وهو العقم، فإذا كان الرجل عقيمًا انقطع عن النسل الذي هو من ضمن حكم وفضائل الزواج؛ والمرأة بفطرتها تهوى الأمومة فكيف يمكن تحصيلها مع زوج لا حظ له في الأبوة؟ ، وكيف يمكن الارتباط بغيره إلا بعد الانطلاق منه والانحلال من قيده؟ وهذا واضح إذا كان العقم في الرجل، أما إذا كان في المرأة، فقد يقال: يمسكها ويتزوج بأخرى لكن القوم يمنعون تعدد الزوجات، وقد لا ترضى المرأة فتقول لا أحيا مع رجل يتزوج بغيري، فقل لي بربك كيف يمكن لهذا الرجل أن يشبع رغبته في حنان الأبوة بغير الطلاق الذي يتيح له الزواج بأخرى ألا فاعتبروا يا أولي الأبصار. (٢)

[١٢. وبعد استحكام الشقاق واستحالة الوفاق ووجوب الطلاق في نظر كل من الزوجين]

نرى أن الشارع الحكيم يفتح بابا جديدًا للتريث والتأني والإبقاء على الحياة الزوجية، فلعل الغضب يزول، ولعل الشقاق يُمحى لأي سبب من الأسباب، فإن الشدائد مثلًا تكشف عن معادن البشر؛ وكم من شدة يبدو بعدها خير كثير "وهذا الباب هو أنه نُهى عن إيقاع الطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه:

وسمي هذا الطلاق الواقع في الحيض أو في طهر جومعت فيه بدعيًا، وهذا فيه مراعاة


(١) أحكام الطلاق للحفناوي (١٢ - ١٣)، وانظر: حكمة التشريع الإسلامي وفلسفته (٢/ ٥٦)، والأحوال الشخصية للشيخ محيي الدين عبد الحميد (ص ٢٥٤)، والموسوعة الفقهية (٢٩/ ١٠ - ١١).
(٢) أحكام الطلاق للحفناوي (١٢)، وانظر: حكمة التشريع الإسلامي وفلسفته (٢/ ٥٦)، والأحوال الشخصية للشيخ محيي الدين عبد الحميد (ص ٢٥٤)، والموسوعة الفقهية (٢٩/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>