للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحق المرأة من وجه آخر حيث اتفق العلماء (١) على أن وقوع الطلاق في الحيض ضار بالمرأة لأن فيه تطويل العدة عليها، وفي ذلك إضرار بها.

وأيضًا: فإن الطلاق أبيح للحاجة، ولذا وجب أن يكون في وقت كمال الرغبة في قربان الزوجة وزمان الحيض ليس كذلك، فلا يكون الطلاق فيه سنة، ولا يكون الإقدام لحاجة، فيكون مخالفًا للسنة ويكن سفهًا كذلك. (٢)، وأما أنه لا يطلقها في طهر جامعها فيه؛ فلربما تحمل منه، فيعدل عن الطلاق (٣).

وعن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسأل عمر بن الخطاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" (٤).

وهذه القصة أصل في باب الطلاق الموافق لما ورد في القرآن، وهو الذي يسمى طلاق السنة.

قال ابن العربي: قال علماؤنا: طلاق السنة ما جمع سبعة شروط: أن يطلقها واحدة، وهي ممن تحيض، طاهرًا لم يمسها في ذلك الطهر، ولا تقدمه طلاق في حيض، ولا تبعه طلاق في طهر يتلوه، وخلا عن العوض (٥).

وهذه الشروط السبعة مستقرآت من حديث ابن عمر، وقد بقي من شروط طلاق السنة: أن يطلقها وهي حامل، وهذه الصورة أيضًا ثابتة في حديث ابن عمر في بعض رواياته: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا (٦)، (٧)


(١) الفرقة بين الزوجين -فرج- (٤٢).
(٢) نفس المصدر، وانظر المهذب للشيرازي (٢/ ٧٩)، وبدائع الصنائع للكاساني (٣/ ٩٤).
(٣) الفقه الإسلامي وأدلته (٧/ ٤٠٢)، وانظر: تفسير القرطبي، والشوكاني، وابن كثير لآية (١) من سورة الطلاق.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ (١١٩٦)، ومسلم (١٤٧١).
(٥) أحكام القرآن (٢/ ٢٦٤).
(٦) مسلم (١٤٧١)، وأبو داود (٢١٨١).
(٧) نظام الطلاق في الإسلام (١٧) والفرقة بين الزوجين (٤٣)، والفقة الإسلامي وأدلته (٧/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>