للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨ - شبهة: التحسر.]

[نص الشبهة]

قالوا عن الله: إنه يتحسر (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).

ويحتجون بقول الله: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: ٣٠].

والجواب عن ذلك من وجوه:

[الوجه الأول: تفسير الآية.]

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: يا حسرةً من العباد على أنفسها، وتندّمًا وتلهفًا في استهزائهم برسل الله {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ} من الله {إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وذكر أن ذلك في بعض القراءات (يَاحَسْرَةَ العِبَادِ عَلى أنْفُسِهَا) (١).

عن قتادة {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} أي: يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضَيَّعت من أمر الله، وفرّطت في جنب الله. قال: وفي بعض القراءات: (يَاحَسْرَةَ العِبَادِ عَلى أنْفُسِهَا). (٢)

قال ابن كثير: ومعنى هذا: يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب، كيف كذبوا رسل الله، وخالفوا أمر الله؟ فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)} أي: يكذبونه ويستهزئون به، ويجحدون ما أرسل به من الحق. (٣)

[الوجه الثاني: من المتحسر؟]

قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} قال الفراء: المعنى: يا لها حَسْرَة على العباد. وقال الزجاج: الحَسْرَةُ أن يَرْكَبَ الإِنسان من شِدَّة الندم ما لا نهاية له حتى يبقى قلبُه حَسِيرًا.


(١) تفسير الطبري ٢٣/ ٣: ٢.
(٢) إسناده صحيح. أخرجه الطبري في تفسيره ٢٣/ ٢ من طريق سعيد، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢٤٧٢) من طريق معمر، كلاهما سعيد ومعمر عن قتادة. وفي لفظ معمر أنه قال: على العباد الحسرة.
(٣) تفسير ابن كثير ١١/ ٣٥٨، ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>