للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: من السنة

١ - عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حيطان المدينة أو مكة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذبان وما يعذبان في كبير". ثم قال: بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة. ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة فقيل له يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا. أو إلى أن ييبسا. (١)

قال البغوي: معناه: أنَّهما لم يعذبا في أمر كان يكبر ويشق عليهما الاحتراز عنه؛ لأنه لم يكن يشق عليهما الاستتار عند البول، وترك النميمة، ولم يُرِد أن الأمر فيهما هين غير كبير في أمر الدين بدليل قوله: "وإنه لكبير". (٢)

وقال الخطابي: معناه: أنَّهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما، أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول، وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين وأن الذَّنْب فيهما هين أو سهل. وفي قوله "أمَّا هذا فكان لا يستنزه من البول" دلالة على أن الأبوال كلها نجسة مجتنبة من مأكول اللحم وغير مأكولة لورود اللفظ به مطلقًا على سبيل العموم والشمول. (٣)

٢ - عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه وهريقوا على بوله سجلًا من ماء أو ذنوبًا من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (٤).

وإنما تركوه يبول في المسجد؛ لأنه كان شرع في المفسدة، فلو منع لزادت إذ حصل تلويث جزء من المسجد، فلو منع لدار بين أمرين؛ إما أن يقطعه فيتضرر، وإما أن لا يقطعه


(١) رواه البخاري (٢١٣) و (٢١٥)، ومسلم (٢٩٢).
(٢) شرح السنة ١/ ٣٧٢.
(٣) معالم السنن ١/ ١٧.
(٤) رواه البخاري (٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>