للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن السنة تفسر القرآن وتبين ما أشكل منه، وقد فسرت السنة هذا الاستمتاع وأن المراد به النكاح الشرعي.

فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا" (١).

فدل هذا الحديث على نفس ما دلت عليه الآية وأن المراد بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ}، أي: بالنكاح الشرعي الذي يتخلله الطلاق عند عدم الوفاق، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وكسرها طلاقها" ونكاح المتعة ليس فيه طلاق، ولا نفقة، ولا ميراث والزوجة تسمى متاعًا. فعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المُرْأَةُ الصَّالِحَةُ" (٢).

الطريق الخامس: قالوا: إن اللَّه تعالى ذكر الاستمتاع وأعقبه بالأجر عليه فدل ذلك على جواز الاستمتاع والآية صرحت بلفظ "أجورهن" ولا أجر في النكاح الدائم بل هو مهر أو صداق.

والجواب عليه من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: الآية فيها تقديم وتأخير.]

قال الكاساني: فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إذَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ، أَيْ: إذَا أَرَدْتُمْ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أَيْ: إذَا أَرَدْتُمْ تَطْلِيقَ النِّسَاءِ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْآيَةِ الْإِجَارَةَ وَالْمُتعَةَ فَقَدْ صَارَتْ مَنْسُوخَةً (٣).

الوجه الثاني: معنى (أجورهن): مهورهن.


(١) أخرجه مسلم (١٤٦٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٦٧).
(٣) بدائع الصنائع (٢/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>