للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت العربية فيها أظهر بيانا من الخط، ورأوا تتبع حروف المصاحف، وحفظها عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها (١).

وعرض آخرون من الصحابة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرهم الذهبي في طبقاته (٢).

وهكذا فإن من طالع كتب تراجم القراء يرى أن منهج العرض هو منهج الطلبة النابهين، والقراء المنتهين فلا يعدلون به عن السماع من الشيخ إلا عند تعذره كأن يكون الشيخ على سفر أو ازدحم عليه الطلبة.

[الثاني: السماع من لفظ الشيخ.]

وهو أن يقرأ الشيخ، والطالب يستمع، وبهذه الطريق تلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن عن جبريل - عليه السلام - عن الله - عز وجل -، فكان جبريل يقرأ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع فإذا فرغ جبريل أعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما سمع عرضًا على جبريل، فتحصل له مرتبتان:

مرتبة الاستماع للفظ الشيخ، ومرتبة العرض والقراءة على الشيخ.

وطريق كهذا هو في أعلى مراتب الأخذ والتحمل. قال تعالى مبينا كيفية تلقي نبيه للقرآن: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٧ - ١٩]، وكان - صلى الله عليه وسلم - يتلو ما نزل عليه على أصحابه ويعلمهم إياه قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران ١٦٤]، وقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: ٢].

وقد تقدم قول عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في تأويل قول الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}.


(١) فضائل القرآن للقاسم بن سلام صـ ٢١٧.
(٢) معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>