للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ففي هذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستلم الأصنام كقومه.

والجواب على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: هذه اللفظة منكرة موضوعة كما هو مبين في الحاشية.

قال القرطبي: فإن قيل: فقد روى عثمان بن أبي شيبة حديثًا بسنده عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان يشهد مع المشركين مشاهدهم، فسمع ملكين خلفه، أحدهما يقول لصاحبه: اذهب حتى تقوم خلفه، فقال الآخر: كيف أقوم خلفه وعهده باستلام الأصنام فلم يشهدهم بعد؟

فالجواب أن هذا حديث أنكره الإمام أحمد بن حنبل جدا وقال: هذا موضوع أو شبيه بالموضوع.

وقال الدارقطني: إن عثمان وهم في إسناده، والحديث بالجملة منكر غير متفق على إسناده فلا يلتفت إليه. (١)


= فخالف الجماعة في إسناده أخبرنيه أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الرازي، حدثنا محمد بن قارن، حدثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن سفيان بن عبد الله بن زياد بن حدير، عن ابن عقيل، عن جابر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشهد مع المشركين مشاهدهم فسمع ملكين خلفه، وأحدهما يقول لصاحبه ألا نقوم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فلم يعد يشهد مع المشركين مشاهدهم. كذا قال عن سفيان ابن عبد الله بن زياد بن حدير بدل سفيان الثوري وعندي أن هذا أشبه بالصواب والله أعلم، فرجح أبو زرعة طريق سفيان بن عبد الله، ولعل عثمان أخطأ في ذكر سفيان الثوري، وسفيان بن عبد الله مجهول.
وقال فيه ابن حجر: وسفيان هذا لا يعرف اهـ. لسان الميزان ٣/ ٤٢.
وقال ابن الجوزي: وإنما يُتأول هذا الحديث أن لو صح، وفيه علل، ومنها أن عثمان لم يتابع عليه ومنها أبو زرعة رواه عن عثمان عن، جرير عن سفيان بن عبد الله بن زياد مكان سفيان الثوري ومنها أن ابن عقيل ضعيف عند القوم ضعفه يحيى وغيره وقال ابن حبان كان رديء الحفظ يحدث على التوهم فيجيء بالخبر على غير سننه، فوجبت مجانبة أخباره، وقال الدارقطني: يقال إن عثمان بن أبي شيبة وهم في إسناده، وغيره يرويه عن جرير، عن سفيان بن عبد الله بن محمد بن زياد بن حدير مرسلًا وهو الصواب. قال وذكر لأحمد فقال: موضوع، وأنكره جدًّا. العلل المتناهية ١/ ١٧٣.
وقال ابن كثير: أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان أبي شيبة، حتى قال الإمام أحمد فيه: لم يكن أخوه يتلفظ بشيء من هذا. السيرة النبوية ١/ ٢٥٣.
(١) تفسير القرطبي ١٦/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>