للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا). (١)

وهكذا أصبح سلوك الإنسان مستقيمًا، وتحرر ضميره من التواكل على الآخرين، وبذلك لم يعد الإنسان غير مبال في أمر الخطيئة، واستقلت شخصيته استقلالًا تامًا. (٢)

[الوجه السابع: الكرامات التي ظهرت على يد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين.]

[تمهيد]

اعلم أن غرضنا في إثبات هذا الفصل شيئان:

الأول: أن نبيّن أن ما ظهر على يد أصحابه وعلى أهل دينه من الكرامات هو آية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعظم الآيات؛ وذلك أن الله تعالى إذا أكرم واحدًا منهم؛ بأن خرق له عادة فإن ذلك يدل على أنه على الحق، وأن دينه حق؛ إذ لو كان مبطلًا في دينه، متبعًا لمبطل في دعواه، كاذب في قوله على الله، لما أكرمه الله، ولا أكرم من اتبع دينه.

فعلى هذا نقول إن كُلّ كرامة لوليّ إنما هي آية للنبيّ الذي يتبعه ذلك الوليّ.

الثاني: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كانوا قد أكرمهم الله بكرامات خارقةٍ للعادات؛ فلا يعتقد فيهم أنهم أنبياء كما فعلت النصارى بالحواريين، بل يعتقد فيهم أنهم أولياء الله وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلقّوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرعه، وبلّغوا عنه قوله وفعله، فبذلوا في إظهار دين الله أنفسهم وأموالهم، حتى أظهر الله على كل الأديان دينهم وإيمانهم، كما قال الله تعالى فيهم {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ٢٩]. (٣)


(١) رواه البخاري (٢٧٥٣)، ومسلم (٢٠٤) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) الرسول - صلى الله عليه وسلم -، سعيد حوي (٤١١ - ٤١٢).
(٣) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام (٣٨١ - ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>