للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكتب الشهر هكذا وهكذا فلم يقل: إنا لا نقرأ كتابًا، ولا نحفظ، بل قال: لا نكتب ولا نحسب، فديننا لا يحتاج أن يكتب ويحسب، كما عليه أهل الكتاب من أنهم يعلمون مواقيت صومهم وفطرهم بكتاب وحساب، ودينهم معلق بالكتب لو عدمت لم يعرفوا دينهم؛ ولهذا يوجد أكثر أهل السنة يحفظون القرآن والحديث أكثر من أهل البدع، وأهل البدع فيهم شبه بأهل الكتاب من بعض الوجوه (١).

قال ابن كثير: أي: لا نفتقر في عباداتنا ومواقيتها إلى كتاب ولا حساب (٢).

[الوجه الثاني: هذا الحديث يدل دلالة المفهوم والمنطوق على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يكتب ولا يحسب.]

كما يجب أن لا نفهم أن معنى هذا الحديث أنه لا يوجد في أمة العرب من يعلم القراءة والكتابة، بل كان فيهم من يعلم ذلك، بيد أن هذا قليل جدًّا، لذلك كان الحكم للغالب.

قال المباركفوري: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى (٣).

فالعرب كانوا قوم لا ثقافة لهم ولا علوم ولا اطلاع على ثقافات العالم المتحضر آنذاك، إلا قليلًا منهم بالطبع، كذلك كانوا قومًا لا دين لهم يتبعونه، ولا كتاب لهم يقرؤونه؛ أي أنهم كانوا أمة على أصل ولادتها، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها؛ وهذا قد جعل القرآن الكريم يصفهم بالأمّية؛ ولكن أهل الكتاب في خلال نقاشهم الدائم مع المسلمين، لا يقبلون هذا الأمر، بل ويحاولون أن يتخذونه مولجًا إلى أن ثقافة محمد - صلى الله عليه وسلم - هي مصدر القرآن الكريم. ففي بعض مؤلفات النصارى ومواقعهم على شبكة الإنترنت نقرأ مقالات ومؤلفات تحاول تفسير هذا الموضوع بشكل مغاير تماما للمفهوم الإسلامي فتخلط ما بين الأميّين والأمَمييّن، وما بين الأميّ والأمميّ، إلى تنتهي بالقارئ إلى أن المسلمين لا يفهمون كتابهم الذين يرتلونه في صلواتهم آناء الليل وأطراف النهار! !


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ٤٢٩.
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/ ٣١٠.
(٣) تحفة الأحوذي ٨/ ٢١٢، وانظر شرح النووي على صحيح مسلم ٧/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>