للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره. وقال: وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتجارتها قد ربحت ضعف ما كانت تربح وأضعفت له ما سمته له.

قال الشيخ: وما تضمن هذا الفصل من أحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حين تزوجت آمنة وحملها ووضعها به واسترضاعه وحضانة حليمة ظئره إلى أن بلغ خمسا وعشرين سنة المقرونة بالآيات دلالة على نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخروجها عن المتعارف والمعتاد مع توسم أهل الكتب وغيرهم الأمارات التي دونتها الكتب المتقدمة والأخبار السالفة بالبشارات به فترقبهم لمبعثه ومخرجه علامات ودلائل لمن أراد به الإيمان وصار به مؤمنا موقنا ولنبوته محققًا. (١)

الوجه الثاني: بحيري ليس له أصل في الروايات الصحيحة، وذلك عند التحقيق العلمي للروايات، بل هو شخصية مجهولة، ولم يُذكر اسمه إلا في الروايات الموضوعة والمقطوعة.

إنَّ من صحح رواية أبي موسى الأشعري قال بعدم صحة ذكر بحيرى في الروايات:

قال الألباني: إن الراهب بحيرى لم يسم مطلقًا في رواية أبي موسى، وإنما سمي في رواية ابن إسحاق التي هي ضعيفة معضلة، وسُمي في رواية أخرى فيها الواقدي الكذاب. (٢)

قلت: فالمذكور في الروايات التي صححها بعض العلماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على راهب في صومعته.

الوجه الثالث: إذًا؛ إنها دعوى مجردة من الدليل.

قال الزرقاني: يقولون إن محمدًا لقي بحيرى الراهب فأخذ عنه وتعلم منه، وما تلك المعارف التي في القرآن إلا ثمرة هذا الأخذ وذاك التعلم.

وندفع هذا: بأنها دعوى مجردة من الدليل، خالية من التحديد والتعيين، ومثل هذه الدعاوى لا تقبل ما دامت غير مدللة وإلا فليخبرونا ما الذي سمعه محمد من بحيرى الراهب ومتى كان ذلك وأين كان؟ (٣)


(١) معضل، دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني ١/ ١٢٥ - ١٠٥. قلت: وإسناده ضعيف، وفيه الواقدي وهو متروك.
(٢) دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ١/ ٦٩.
(٣) مناهل العرفان ٢/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>