للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد فكذلك توافقا بالقول بأن اللَّه دحى الأرض دون أن ينقل هذا من ذاك هذه المقولة.

٣ - النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى بأمور كثيرة عن الأرض بوحي من اللَّه، وليس فقط بالقول بأن اللَّه دحى الأرض، فلو ادعى المدعون بأن دحوية الأرض مأخوذة من قول زيد بن عمرو، فنقول لهم: ومن أين أخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بباقي الأقوال والأخبار عن الأرض التي سيأتي ذكرها؟

رابعًا: قال الأستاذ محمد رشيد رضا: وقد كان زيد بن عمرو مضطهدًا ولجأ إلى حراء لكن لم تكن له اجتماعات برسول اللَّه حتى يُقال: إنه تذاكر معه مسائل الدين، وترك في نفسه أثرًا عميقًا، أو أنه أخذ منه الفكرة؛ لأن المسألة ليست مسألة اقتباس فكرة، فالقرآن وما حواه من فصاحة، وبلاغة خارقة، وحكم بالغة، وأمثال محكمة، وذكر أحوال الماضين من أنبياء وأمم، وأنباء المستقبل، وعلاقة الإنسان بخالقه، وعلاقته بغيره، والتشريع العظيم الشأن الذي صار موضوع بحث الأئمة المجتهدين والعلماء الأعلام - لا يكون مصدره اجتماع زيد بن عمرو برسول اللَّه مصادفة في حراء أو في الطريق، ثم إننا فوق ذلك لا نعلم من تاريخ رسول اللَّه أنه كان يتذاكر مع رجال أو كانوا يعلمونه من صغره إلى أن صار نبيًا؛ بل الثابت أنه كان أميًّا لا يدري ما الكتابة والقراءة، ولا الدين ولا أصوله حتى أُوحي إليه، ثم إن رسالة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم تكن محدودة للأمة العربية كما ظن (سل) وأمثاله بل كانت رسالته عامة بنص القرآن قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (سبأ: ٢٨) (١).

خامسًا: كلمة (دحاها) التي يقصدها في شعره ليس معناها كما قصدها من قال بأن الأرض كروية.

فزيد بن عمرو يقصد أن (دحاها) بمعنى: (سواها)، وهذا المعنى لا يشير إلى كروية


(١) في كتابه سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- (١/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>