فقد تبين صحة الحديث لا سيما وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
أضف إلى ذلك: أن الحديث إذا صح سنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشروطه المعروفة وجب العمل به والتصديق له، لا فرق بين متواتر وآحاد عند جمهور أهل العلم (١).
الوجه السابع: وأخيرًا: ماذا حدث للمسيح من الشيطان؟
اقرأ معي هذا الكلام من الكتاب المقدس.
واعلم أن كل من قال أن هذا يقدح في مقام النبوة وخاصة من أهل الكتاب فلينظروا في كتبهم، فإذا كنتم أيها النصارى تعتقدون أن ما أصاب النبي محمدًا على أيدي اليهود من سحر والذي قررنا أنه لم يكن له تأثير في دينه وعقله وعبادته ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها إذا كنتم تعتقدون أن ما أصابه هو قدح وطعن في نبوته.
فهل يعني ذلك أنكم أسقطتم أنبياء كتابكم المقدس الذي نص على أنهم عصاه زناه كفار ألم يرد في كتابكم المقدس أن نبي الله سليمان كفر وعبد الأوثان وهو نبي من أنبياء الله (سفر الملوك).
فهل أسقطتم نبوة سليمان؟ وهل ما أقدم عليه النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر موجب للطعن في نبوته ومُسقطًا لها؟
وإذا كان ما قام به النبي سليمان من السجود للأوثان والكفر بالله هو أمر لا يوجب الطعن في نبوته ولا يسقط نبوته عندكم فكيف تعتبرون ما أصاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من السحر الذي لم يكن له تأثير في دينه وعبادته ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها هو أمر موجب للطعن في نبوته.
ثم أخبرونا عن ذلك الشيطان الذي تسلط على المسيح طوال ٤٠ يومًا كما في إنجيل متى ابتداء من الإصحاح الرابع حيث كان إبليس يقود المسيح إلى حيث شاء فينقاد له فتارة يقوده إلى المدينة المقدسة ويوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلى جبل عالي جدًّا.
ففي سفر متى (٤/ ١ - ١٠): ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّة مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا. فتَقَدَّمَ إِلَيْهِ المجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: "إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذ الحجَارَةُ خُبْزًا". فَأَجَابَ وَقَالَ: "مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا
(١) وراجع مقدمة شبهات علوم السنة ففيها رد على من يعترض على حديث الآحاد.