للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفار أنهم قالوا: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} وقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (الأحقاف: ٢٠) يعني تعجلتم الانتفاع بها، وقال {فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ} يعني بحظكم ونصيبكم من الدنيا (١).

قال ابن عبد البر: الاستمتاع عندنا التزويج. (٢)

قال الجصاص: الاستمتاع: الدخول. (٣)

فهذا ما قاله أهل العلم في الاستمتاع ولم يقل أحد من الأئمة المعتبرين أن الاستمتاع يراد منه المتعة.

الوجه الثاني: أن لفظ "الاستمتاع" ورد في غير هذا الموضع من القرآن ولم يرد به المتعة اتفاقًا.

{وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} (الأنعام: ١٢٨).

قال الشوكاني: أما استمتاع الجن بالإنس فهو ما تقدم من تلذذهم باتباعهم لهم وأما استمتاع الإنس بالجن فحيث قبلوا منهم تحسين المعاصي فوقعوا فيها وتلذذوا بها فذلك هو استمتاعهم بالجن وقيل: استمتاع الإنس بالجن أنه كان إذا مر الرجل بواد في سفره وخاف على نفسه قال: أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر يعني ربه من الجن ومنه قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} وقيل: استمتاع الجن بالإنس أنهم كانوا يصدقونهم فيما يقولون من الأخبار الغيبية الباطلة واستمتاع الإنس بالجن أنهم كانوا يتلذذون بما يلقونه إليهم من الأكاذيب وينالون بذلك شيئا من حظوظ الدنيا (٤).


(١) معاني القرآن للزجاج (٢/ ٣٨)، وتهذيب اللغة للأزهري - مادة "متع" - (١/ ٢٥٣).
(٢) الاستذكار (١٦/ ٢٩١).
(٣) أحكام القرآن (٢/ ١٤٦).
(٤) فتح القدير للشوكاني (٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>