للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول المؤرخ سير توماس أرنولد في كتابه -الدعوة إلى الإسلام- موضحًا الغرض من فرض الجزية ومبينًا على مَن فُرضت: ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة على المسيحيين -كما يردد بعض الباحثين- لونًا من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة. وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين.

وهكذا تبين بجلاء ووضوح براءة الإسلام بشهادة التاريخ والمنصفين من غير أهله، ثبتت براءته مما ألحقه به الزاعمون، وما فاهت فيه ألسنة الجائرين.

[٩ - من أقوال الفقهاء المسلمين في حراسة وتقرير حقوق أهل الذمة]

ونلحظ فيما سبق أن الإسلام شرع لحراسة حقوق أهل الذمة في إقامة شعائر دينهم، وكنائسهم ما يلي: جاء في قوانين الأحكام الشرعية: المسألة الثانية: فيما يجب لهم علينا، وهو التزام إقرارهم في بلادنا إلا جزيرة العرب وهي الحجاز واليمن، وأن نكف عنهم، ونعصمهم بالضمان في أنفسهم وأموالهم، ولا نتعرض لكنائسهم ولا لخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروه (١).

ب - وينقل الطحاوي إجماع المسلمين على حرية أهل الذمة في أكل الخنازير، والخمر، وغيره مما يحل في دينهم، فيقول: وأجمعوا على أنه ليس للإمام منع أهل الذمة من شرب الخمر، وأكل لحم الخنازير، واتخاذ المساكن التي صالحوا عليها، إذا كان مِصرًا ليس فيه أهل إسلام (أي في بلادهم التي هم فيها الكثرة) (٢).

ج - وتصون الشريعة نفس الذمي وماله، وتحكم له بالقصاص من قاتله، فقد أُخذ رجل من المسلمين على عهد علي -رضي اللَّه عنه- وقد قتل رجلًا من أهل الذمة، فحكم عليه بالقصاص، فجاء أخوه واختار الدية بدلًا عن القود، فقال له علي: لعلهم فرقوك أو فزّعوك أو هددوك؟ فقال:


(١) قوانين الأحكام الشرعية (١٧٦).
(٢) اختلاف الفقهاء (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>