للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا، بل قد أخذت الدية، ولا أظن أخي يعود إلى بقتل هذا الرجل، فأطلق عليٌّ القاتل، وقال: أنت أعلم، من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديّتنا (١).

د - وصونًا لمال الذمي فإن الشريعة لا تفرق بينه، وبين مال المسلم، وتحوطه بقطع اليد الممتدة إليه، ولو كانت يد مسلم.

يقول القرطبي: الذمي محقون الدم على التأبيد، والمسلم كذلك، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يحقِق ذلك أنّ المسلم يقطع بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أنّ مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواته لدمه، إذ المال إنّما يحرم بحرمة مالكه (٢).

قال الماورديّ: ويلتزم -أي الإمام- لهم ببذل حقَّين: أحدهما: الكفُّ عنهم. والثانِي: الحماية لهم، ليكونوا بالكفِّ آمنين، وبالحماية محروسين (٣).

وقال النوويّ: ويلزمنا الكفُّ عنهم، وضمان ما نُتلفه عليهم، نفسًا، ومالًا، ودفعُ أهلِ الحرب عنهم. (٤) وتوالى تأكيد الفقهاء المسلمين على ذلك.

يقول ابن النجار الحنبلي: يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع من يؤذيهم وفكُّ أسرهم ودفع من قصدهم بأذى (٥).

ولما أغار أمير التتار قطلوشاه على دمشق في أوائل القرن الثامن الهجري، وأسر من المسلمين، والذميين من النصارى، واليهود عددًا، ذهب الإمام ابن تيمية، ومعه جمع من العلماء، وطلبوا فك أسر الأسرى، فسمح له بالمسلمين، ولم يطلق الأسرى الذميين، فقال له شيخ الإسلام: لابد من افتكاك جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم


(١) مسند الشافعي (١/ ٣٤٤).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٤٦).
(٣) الأحكام السلطانية (١٤٣).
(٤) مغني المحتاج (٤/ ٢٥٣).
(٥) مطالب أولي النهى (٢/ ٦٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>