الوجه الثالث: اتفاق معنى الآية مع شرح ما ورد من تعاليم في كتابهم المقدس.
الوجه الرابع: الفارق بين محبة الله - عز وجل - عند أهل الإسلام والنصارى.
الوجه الخامس: الهداية على أنواع؛ وليست هداية واحدة.
الوجه السادس: الهدى والضلال ومراتبهما والمقدور منهما للخلق وغير المقدور لهم.
الوجه السابع: كيفية تبرئة الخطاة عند النصارى، والوصول إلى الهداية عندهم.
وإليك التفصيل
[الوجه الأول: تصحيح الفهم.]
السائل يفهم الآية على غير معناها، ويترتب على ذلك أن يستنبط ويتصور أمورًا منها ليست فيها، فإن الأمر ليس فيه مساومة بين الله - عز وجل - وخلقه كما يدَّعي السائل أن الآية تقصد ذلك؛ إنما غاية الأمر أن الله - عز وجل - يحذر ويتوعد الخلق (البشر) الذين يؤثرون الأشياء (الآباء، الأبناء، المساكن) على محبة الله - عز وجل - ويركنون إلى الدنيا بأن تحل عليهم عقوبته سبحانه وتعالى.
[الوجه الثاني: معنى الآية.]
إن معنى الآية هكذا ليس فيه تعارض وبين ما ورد في كتابهم المقدس الذين يخبرون فيه أن الله يقول:(من أحب أبًا أو أمًا أو إخوةً أو حقولًا أكثر مني لا يستحقني)، فالمعنى متطابق ولا تناقض ولا تعارض، فإنه هنا ينفي الاستحقاق للمحبة والرضا للذي يُؤْثِرُ محبة شيء من الدنيا على محبة الله - عز وجل -، ويتضح المعنى بجلاء عندما نذكر بعض ما ورد في تفاسير أهل الإسلام لمعاني هذه الآية، ونذكر منها قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤)} [التوبة: ٢٤].