للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوعد بالإخراج كان قبل الأمر به والله أعلم (١).

[نكتة بلاغية]

حصر الله جوابه في هذا المعنى المؤدي بهذا اللفظ لا ينافي آية العنكبوت القائلة: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ}؛ لأن إطلاق الجواب على هذا يجوز، والمعنى: فما كان قولهم في جوابه إلا إتيانهم بما لا يصلح جوابًا، وذلك مضمون هذا القول وغيره مما لا يتعلق بالجواب، أو أن هذا الجواب لما كان فيه من التكذيب والإيذان بالإصرار والإغلاظ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلزمًا للعذاب، كانوا كأنهم نطقوا به فقالوا: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ} جعل نطقهم بالسبب نطقًا بالمسبب، أو أنهم استعملوا لكل مقام مقالًا، ويؤيده أن المعنى لما اتحد هنا وفي سورة النمل: حصر الجواب في هذا، أي: فما كان جوابهم هذا القول إلا هذا، ولما زادهم في العنكبوت في التقريع فقال: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} أتوه بأبلغ من هذا تكذيبًا واستهزاء فقالوا: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ} (٢).

* * * *


(١) تفسير المنار لمحمد رشيد رضا (٨/ ٥١٢).
(٢) نظم الدرر لأبي الحسن البقاعي (٣/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>