ثم لما ذكر المؤمنين ذكر الكفار من أهل الكتاب والمشركين فذكر أهل الجهل المركب والبسيط فقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)} (النور: ٣٩، ٤٠).
فقد تبين أنه ليس لهم حجة في شيء مما جاء به محمد؛ بل ما جاء به حجة عليهم من وجوه متعددة (١).
الوجه الثالث: أن هذا عام في كل زمن.
قال القرافي: إن المراد بهذه الآية أن الله تعالى يدفع المكاره عن الأشرار بوجود الأخيار في كل عصر، فما من زمان إلا وفيه أهله من الأخيار، فيكون وجود الأخيار سببًا لسلامة الأشرار من الفتن والمحن، فزمان موسى - عليه السلام - سلم فيه أهل الأرض من بلاء يعمهم بسبب من فيه من أهل الاستقامة على الشريعة الموسوية، وزمان عيسى - عليه السلام - سلم فيه أهل الأرض من بلاء يعمهم بسبب من فيه من أهل الاستقامة على الشريعة العيسوية، وزمان محمد - صلى الله عليه وسلم - سلم فيه أهل الأرض من بلاء يعمهم بسبب من فيه من أهل الاستقامة على الشريعة المحمدية، وكذلك سائر الأزمان الكائنة، بعد الأنبياء عليهم السلام كل من كان مستقيمًا