للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحرفه وأنه أخذه من فم رَسُول الله طعنًا على حرف غيره، ولكنه عنده حجةٌ في أنه لا يَجِب عليه تركه، وتحريق مصحف هو فيه (١).

أخرج ابن أبي داوود في المصاحف عن عبد الله قال: "لقد قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة، أفأنا أدع ما أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ". (٢)

[الوجه السادس: على تسليم كلام ابن مسعود وأنه داوم عليه ولم يرجع عنه، لا يدل على إبطال تواتر القرآن.]

لا نسلم أنه يدل على إبطال تواتر القرآن؛ فإن التواتر يكفي في القطع بصحة مرويه أن ينقل عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب بشروطه، وليس من شروطه ألا يخالف فيه مخالف حتى يقدح في تواتر القرآن أن يخالف فيه ابن مسعود أو غير ابن مسعود ما دام جم غفير من الصحابة قد أقروا جمع القرآن على هذا النحو في عهد أبي بكر مرة وفي عهد عثمان مرة أخرى (٣).

الوجه السابع: قول ابن مسعود: لَوْ أعْلَمُ أنَّ أحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْت إِلَيْهِ، هذا اعتقاده.

إن قول ابن مسعود: وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسولِ الله أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ الله، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. ليس قطعًا على أنه ليس فيهم من هو أعلم منه بكتاب الله، وإنما هو اعتقاد ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو غير معصوم في هذا الاعتقاد (٤).

[الشبهة الثالثة: حرق المصاحف واختلاف مصاحف الصحابة.]

[نص الشبهة]

يقولون إن عثمان - رضي الله عنه - حرق المصاحف التي في أيدي الناس وهذا يدل على عدم الثقة به.

والجواب على هذه الشبهة من هذه الوجوه:

الوجه الأول: أن عثمان - رضي الله عنه - حرق المصاحف الأخرى؛ لئلا يقع بسببها اختلاف.


(١) نكت الانتصار لنقل القرآن (٣٦٤).
(٢) المصاحف ١/ ١٨٣، وهو صحيح بشواهده. يراجع المصدر نفسه (١٨٤) وما بعدها.
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ١٩٧.
(٤) نكت الانتصار لنقل القرآن (٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>