للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راهب لاتيني اسمه (فرامينو) وهذه قصته: فيقول "إنه عثر على رسائل لأيريانوس وفيها رسالة يندد فيها بما كتبه بولس الرسول. ويسند تنديده إلى إنجيل برنابا، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا. وقد وصل إلى مبتغاه لما صار أحد المقربين إلى البابا سكنس الخامس، فإنَّه عثر على ذلك الإنجيل في مكتبة هذا البابا فأخفاه بين أردانه، وطالعه، فاعتنق الإِسلام. ويظهر أن تلك النسخة هي نفس النسخة التي عثر عليها سنة ١٧٠٩ م. (١)

ثالثًا: إلى أي حدّ تصح نسبة هذا الإنجيل إلى برنابا؟

لقد ناقش الدكتور خليل سعادة هذا الأمر بالتفصيل في مقدمته لهذا الإنجيل وخلص إلى الآتي: "أن واضع هذا الإنجيل يهودي أندلسي تعمق في دراسة اليهودية، ثمَّ تنصر وتعمق في دراسة النصرانية، ثمَّ اعتنق دين الإِسلام وتحمس له" (٢).

"ونحن نرى أن هذه الصورة يصعب أن توجد في الخيال فهيهات أن توجد في الواقع، وأي خيال يستطيع أن يصور يهوديًّا متعمقًا في اليهودية يتنصر ويتعمق في النصرانية، ثمَّ يسلم ويتعمق في الإِسلام ويتحمس له تحمسًا يحمله على كتابة إنجيل ونسبته إلى واحد من الحواريين أو الرسل؟ إن هذا الرجل يحتاج أن يعمر عدة قرون كما يحتاج إلى وسائل غير عادية ليصل إلى هذه النتيجة، ثمَّ لماذا لم ينتقل مثل هذا الرجل مباشرة من اليهودية للإسلام كما فعل كثير من يهود الأندلس؟ الحق أن هذا التفكير يبدو مستحيلًا ومضحكًا في نفس الوقت! ! .

ونحن نسأل الدكتور سعادة: لماذا وضع هذا الرجل المسلم هذا الإنجيل؟ الطبيعي أنَّه وضعه ليحتج به المسلمون على المسيحيين في المناظرات التي كانت دائمة الوقوع بينهم، ولكن ما رأي الدكتور سعادة في أن أحدًا لم يحتج بهذا الإنجيل قط ولم يرد ذكره في تلك المناظرات الحامية كما كتب ذلك الدكتور سعادة نفسه (٣).

وكيف ينحدر إنجيل كاذب كهذا إلى مكتبة البابا، ثمَّ إلى البرنس أيوجين، ثمَّ إلى مكتبة


(١) أبو زهرة (ص ٦٨) وانظر: مقدمة إنجيل برنابا، تقديم خليل سعادة فقد شرح ذك بالتفصيل.
(٢) مقدمة الإنجيل (ص ١٨).
(٣) وانظر أيضًا المحاضرات لأبي زهرة (ص ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>