للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: أن يفعل الإنسان الشيء في الحين لا يكون له عادة. (١)، ويقال أيضًا: أصابت فلانًا من الجن لمة، وهو المس والشيء القليل (٢).

[الوجه الثاني: تفسير الآية.]

قال الله - عز وجل -: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} أي: يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات، التي يكون تركها من كبائر الذنوب، ويتركون المحرمات الكبار، كالزنا، وشرب الخمر، وأكل الربا، والقتل، ونحو ذلك من الذنوب العظيمة، {إِلَّا اللَّمَمَ} وهي الذنوب الصغار، التي لا يصر صاحبها عليها، أو التي يلم بها العبد، المرة بعد المرة، على وجه الندرة والقلة، فهذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجًا للعبد من أن يكون من المحسنين، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات، تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شيء، ولهذا قال: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}. (٣)

{كَبَائِرَ الْإِثْمِ} يعني ما كبر الوعيد عليه من المناهي، والفواحش يعني ما فحش منها، وقد فسر اللمم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الله كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ (٤).

قال الماوردي: وأما اللمم المستثنى ففيه ثمانية أقاويل:

١ - إلا اللمم الذي ألموا به في الجاهلية من الإثم والفواحش فإنه معفو عنه في الإسلام، قاله زيد بن ثابت.

٢ - هو أن يلم بها ويفعلها ثم يتوب منها، قاله الحسن ومجاهد.


(١) إعراب القرآن وبيانه (٩/ ٣٥٩).
(٢) مختار الصحاح (٤/ ١٦٤٤)، والقاموس المحيط (٢/ ١٥٢٥)، والمعجم الوسيط (٢/ ٨٧٣).
(٣) تفسير السعدي (٨٢١)، وأيسر التفاسير (٥/ ١٩٧).
(٤) أخرجه البخاري (٦٢٤٣)، مسلم (٢٦٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>