للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرج مسدودًا: يعني ملتصقًا، لا يدخل الذكر فيه، والقرن والعفل لحم ينبت في الفرج فيسده، فهما في معنى الرتق، إلا أنهما نوع آخر، وأما الفتق: فهو انخراق ما بين السبيلين، وقيل انخراق ما بين مخرج البول والمني. وذكرها أصحاب الشافعي سبعة أسقطوا منها الفتق. ومنهم من جعلها ستة وجعل القرن والعفل شيئًا واحدًا، وإنما اختص الفسخ بهذه العيوب، لأنها تمنع الاستمتاع المقصود بالنكاح؛ فإن الجذام والبرص يثيران نفرة في النفس، تمنع قربانه، ويخشى تعديه إلى النفس والنسل، فيمنع الاستمتاع. والجنون يثير نفرة، ويخشى ضرره، والجب والرتق يتعذر معهما الوطء. والفتق يمنع لذة الوطء، وفائدته وكذلك العفل على قول من فسره بالرغوة. (١)

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُرَدُّ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ الجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالْجُنُونُ وَالرَّتَقُ، بِفَتْحِ التَّاءِ مَصْدَرُ قَوْلِك امْرَأَةٌ رَتْقَاءُ، لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا، لارْتتاقِ ذَلِكَ المُوْضِعِ، أَيْ لانْسِدَادِهِ لَيْسَ في خَرْق إلَّا المَبَالُ (وَالْقَرْنُ) بِسُكُونِ الرَّاءِ.

قَالَ فِي المَغْرِبِ: وَهُوَ إمَّا غُدَّةٌ غَلِيظَة، أَوْ لَحْمَةٌ مُرْتَفِعَةٌ، أَوْ عَظْمٌ تَمْنَعُ مِنْ سُلُوكِ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ وَامْرَأَة قَرْنَاءُ بِهَا ذَلِكَ.

قَالَ: لِأَنَّهَا يَعْنِي الْعُيُوبَ الْخَمْسَةَ تَمْنَعُ الاسْتِيفَاءَ حِسًّا أَوْ طَبْعًا، أَمَّا حِسًّا: فَفِي الرَّتَقِ وَالْقَرْنِ، وَأَمَّا طَبْعًا فَفِي الجذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ، لِأَنَّ الطِّبَاعَ السَّلِيمَةَ تَنْفِرُ عَنْ جِمَاعِ هَؤُلَاءِ، وَرُبَّمَا يَسْرِي إلَى الْأَوْلَادِ وَالطَّبع مُؤَيَّدٌ بِالشَّرْعِ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "فِرَّ مِنْ المَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ" (٢).

وبالجملة فأي عيب يمنع استدامة العشرة بين الزوجين أو يوقع ضررًا على أحدهما هو أعظم من الضرر الواقع بسبب الفراق يجيز الفراق.

رابعًا: من محاسن دين الإسلام إباحة الطلاق بالضوابط التي تحفظ لكل ذي حق حقه.


(١) الشرح الكبير (٧/ ٥٦٧ - ٥٦٨).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية بحاشية شرح فتح القدير (٤/ ٣٠٣)، والحديث أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>