للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعمليات، وكان أتباعها متقشفين زاهدين، لا يتزوجون ولا ينظرون إلى المرأة ولا يتصلون بها اتصالًا، فلم يكن لها أن تكون أُسًّا لحياة سديدة أو حكومة رشيدة، حتى التجأ الذين جاءوا بعد مؤسسها إلى مخالفته والعدول عنه إلى غيره.

أما كونفوشيوس فقد كان يعني بالعمليات أكثر من النظريات، ولكن انحصرت تعاليمه في شؤون هذه الدنيا وتدبير الأمور المادية والسياسية والإدارية، وقد كان أتباعه لا يعتقدون -في بعض الأزمنة- بعبادة إله معين، فيعبدون ما يشاءون من الأشجار والأنهار، وليس فيها نور من يقين ولا باعث من إيمان ولا شرع سماوي، وإنما هو حكمة حكيم وتجارب خبير، يستفيد بها الإنسان إذا شاء ويرفضها إذا شاء.

أما البوذية فقد فقدت بساطتها وحماستها، وابتلعتها البرهمية الثائرة الموتورة فتحولت وثنية تحمل معها الأصنام حيث سارت. وتبني الهياكل. وتنصب تماثيل بوذا حيث حلت ونزلت. وقد غمرت هذه التماثيل الحياة الدينية والمدنية التي ظهرت في عهد ازدهار البوذية.

يقول الأستاذ إيشوراتوبا أستاذ تاريخ الحضارة الهندية في إحدى جامعات الهند: لقد قامت في ظل البوذية دولة تعني بمظاهر الآلهة وعبادة التماثيل وتغير محيطا لرابطات الأخوية البوذية، وظهرت فيها البدع.

ولاحظ ذلك أيضًا أحد الكتاب العصريين وكبار السياسيين في الهند فقال: جعلت البرهمية بوذا مظهرًا للآلهة، وقلدتها في ذلك البوذية نفسها، وأصبحت الرابطة الأخوية البوذية تملك ثروة هائلة، وأصبحت مركزًا لمصالح جماعات خاصة، وفقدت النظام وتسرب إلى مناهج العبادة السحر والأوهام، وبدأت الديانة تتقهقر وتنحط بعدما سادت في الهند وازدهرت ألف سنة. (١)

خامسًا: أمم آسيا الوسطى: أما الأمم الأخرى في آسيا الوسطى وفي الشرق، كالمغول والترك واليابانيين، فقد كانت بين بوذية فاسدة، ووثنية همجية، لا تملك ثروة علمية، ولا


(١) ماذا خسر العالم (ص ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>