للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت جحش، فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها، حتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينظر إلى عائشة هل تَكَلَّمُ، قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، قالت: فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عائشة وقال: "إنها بنت أبي بكر" (١)، وفي مسند أحمد من رواية أم سلمة أن أم سلمة قالت: فقالت أعوذ بالله أن أسوءك في عائشة. (٢)

قلت: فهذا صريح في أنها ذكرت ذلك لرسول الله فيما بينه وبينها، ثم أعرض عنها، ثم قال لها بعد ذلك هذا القول، فنقلته على أنه منقبة وفضيلة لعائشة -رضي الله عنها-، وهو كذلك. والحمد لله.

الوجه الثاني: ويبدو كذلك من السياق أن عائشة ترى فيها فضيلة لأم سلمة على أساس أنها هي التي اختيرت من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لأداء هذه الرسالة.

- وقد سبق القول بأن هذا الذي جرى بين أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما باعثه الغيرة التي باعثها حب النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتنافس الشريف على قلبه ووده، على أن الغيرة طبعية لا لوم فيها إكرامًا للمرأة في الإسلام.

- لا يوجد في سياق القصة ما يدل على سوء العلاقة بينهما، أو أن أم سلمة لم تكن ترتاح لعائشة رضي الله عنهن جميعًا.

- ثم إن عائشة هي التي روت القصة فلو كان فيها شيء يسيء إليها وهي على سوء لما نقلته، فلما نقلته قلنا: إما أن يكون فيه شيء ضدها أولا، فإن لم يكن وهذا واضح فهذا أدلُّ على نبلها وحرصها على تبليغ دين الله للناس؛ لما في هذه القصة من فوائد تدل على فضيلة لعائشة وأم سلمة، ويظهر من السياق كذلك أن أم سلمة لم تكن هي المنفردة بهذا الطلب، وفي مسند أحمد أن أم سلمة هي التي روت القصة، ونفس الكلام يقال فيها كما قيل في عائشة بل أوضح.

[ولهم شبهة أخرى على هذا الحديث وهي كيف ينزل القرين على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في ثوب عائشة؟]

والرد على ذلك من وجوه:


(١) البخاري (٣٥٦٤، ٢٤٤٢).
(٢) مسند أحمد ٦/ ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>