للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر كذلك لاستكثر من الأبكار، وقد سبق الكلام في هذه.

٣ - ومنها أنها كانت أحب أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه، كما ثبت ذلك عنه في البخاري وغيره، أنه سئل: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة". قيل: فمن الرجال؟ قال: "أبوها". (١)

وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها". (٢)

فهل هذا يدل على أن أم سلمة لم تكن ترتاح إلى عائشة مِنْ جراءِ كسر الصحفة لها؟

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: ذكر سياق القصة يدل على أن أم سلمة ذكرت ذلك في مناقب عائشة وعنها روت عائشة القصة، ولولا أن أم سلمة قالت ذلك لعائشة ولغيرها من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لما علمناه وإليك هذا السياق: عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار، قالت: فذكرت ذلك أمُّ سلمة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت: فأعرض عني، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئًا، فقلن لها: فكلميه، فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني، قالت: فكَلَّمَتْهُ حين دار إليها أيضًا، فلم يقل لها شيئًا، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئًا، فقلن لها: كلميه حتى يكلمك، فدار إليها، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: "يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها، قالت: فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله، ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقول: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر، فكلمته فقال: "يا بنية ألا تحبين ما أحب؟ "، قالت: بلى، فرجعَت إليهن فأخبرتهن فقلن: ارجعي إليه فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب


(١) البخاري (٣٨٢٠).
(٢) البخاري (٣٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>