للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاضطراب في معرفة من قتلها.

لقد اضطربت الروايات والأخبار في معرفة من الذي قتل أم قرفة، هل هو قيس بن المحسر، أو زيد بن حارثة، أو ورد بن قتادة؟ !

فقد ذُكر أن الذي قتلها هو قيس بن المحسر. (١)

وذكر أن الذي قتلها هو زيد بن حارثة. (٢)

وذكر أن الذي قتلها ورد بن قتادة. (٣)

فهذا مما يدل على اضطرابها.

[الوجه الثاني: بيان ما ورد في الصحيح لما يخالف هذه القصة.]

عن سلمة بن الأكوع قَالَ: غَزَوْنَا فزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، أَمَّرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا، فلَمّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْماءِ سَاعَة، أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا، ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ، فَوَرَدَ الْماءَ فَقَتَلَ مَنْ قتلَ عَلَيْهِ، وَسَبَى، وَأنظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِي، فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُوني إِلَى الجْبَلِ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الجبَلِ، فَلَمّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا، فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ، وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فزَارَةَ عَلَيْهَا قِشْعٌ مِنْ أَدَمٍ -قَالَ الْقِشْعُ النِّطَعُ- مَعَهَا ابْنَةٌ لَها مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ، فَنَفَّلنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنتهَا، فَقَدِمْنَا المدِينة وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثوْبًا، فلقِيَنِي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي السُّوقِ فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ هَبْ لي المُرْأَةَ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، والله لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي، وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي: "يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي المُرْأَةَ للهَّ أَبُوكَ". فَقُلْتُ: هِي لَكَ يَا رَسُولَ الله، فَوَالله مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَىَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ المسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ. (٤)


(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٩٠، المؤتلف والمختلف ٤/ ٩٠، الإكمال ٧/ ١٦٥، الاستيعاب ١/ ٤٠٢، أسد الغابة ١/ ٩٢٤، مغازي الواقدي ١/ ٥٦٤.
(٢) تاريخ خليفة ١/ ٩، آمالي المحاملي (١٥٧)، دلائل النبوة لأبي نعيم (٤٤٣)، الكامل في التاريخ ١/ ٣١٥، تاريخ الطبري ٢/ ١٢٧، تاريخ دمشق ١٩/ ٣٦٥، فتح الباري ٧/ ٤٩٨، الإصابة في تمييز الصحابة ٤/ ٢٣١.
(٣) الإصابة ٦/ ٦٠٤.
(٤) مسلم (١٧٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>