للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بوجه الله: وجهة الله، الوجه والجهة والوجهة الذي لله يُستقبل في الصلاة كما قال في أول الآية: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}، ثم قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، كما قال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (البقرة: ١٤٢) فإذا كان لله المشرق والمغرب ولكل وجهة هو موليها، وقوله: {مُوَلِّيهَا}؛ أي متوليها أم مستقبلها، فهذا كقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}؛ أي فأينما تستقبلوا فثم وجهه الله، وقد قيل: إنه يدل على صفة الله؛ لكن يدل على أن ثم وجه لله، وأن العباد أينما يولون فثم وجه الله، فهم الذين يولون ويستقبلون لا أنه هو يولي وجهه إلى كل مكان، فهذا تحريف منهم للفظ القرآن عن معناه وكذب على المسلمين. (١)

[الوجه الثاني: أقوال أهل العلم في صفة الوجه]

من عقيدة السلف: أن لله تعالى وجها يليق بجلاله وعظمته، نثبت له هذه الصفة كما أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تأويل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف. وكل آية في كتاب الله تعالى مضاف فيها الوجه لله تعالى فهي تدل على صفة الوجه له سبحانه وتعالى، وإن اختلف معناها في السياق كما قدمنا في صفة اليد.

قال الشيخ على بن خضير الخضير: وهناك آيات كثيرة في القرآن وأحاديث كثيرة تدل على صفة الوجه لله، ومن أكثر الكتب بسطًا لهذه الصفة الإمام ابن خزيمة في كتاب التوحيد، وقد بسط القول فيها خصوصًا الأحاديث، وعقد ثلاثة أبواب لهذه الصفة، ومثله ابن منده في كتابه التوحيد، فقد تكلم عن هذه الصفة، وكذلك اللالكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وقبلهم الدارمي في رده على طاغوت الجهمية بشر المريسي. وقبلها كتب السنة، السنة لعبد الله بن الإمام أحمد والسنة للخلال. (٢)


(١) الجواب الصحيح: ٤/ ٤١٤، ٤١٥.
(٢) الزناد شرح لمعة الاعتقاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>