للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: الثابت عن جابر أنه عمل برأي عمر -رضي اللَّه عنه-

عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ فَقَالَ جَابِرٌ: فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ فَلَمْ نَعدْ لَهُمَا (١).

[الوجه الثالث: الحديث عن جابر في الإذن بالمتعة منسوخ.]

هذا كان زمن الفتح قبل التحريم ثم حرمها بعد ذلك بدليل ما رواه مسلم.

عن سلمة بن الأكوع قال: رخص لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام أوطاس في المتعة ثلاثًا ثم نهى عنها (٢).

[الوجه الرابع: الذين فعلوا ذلك لم يبلغهم النسخ]

قَوْلُهُ: اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي اسْتَمْتَعَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ. وَقَوْلُهُ: حِينَ نَهَانَا عَنْهُ عُمَرَ يَعْنِي حِينَ بَلَغَهُ النَّسْخُ (٣).

الوجه الخامس: ليس في الحديث دلالة على أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- يرى حلها.

ليس في الحديث دلالة على أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- يرى حلها لم يذكر جابر إطلاع أبي بكر على فاعلها والرضى به، كما أن كتب السنة لم تذكر رأي أبي بكر -رضي اللَّه عنه- في المتعة والظاهر أن موقفه -وهو الملازم لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جميع غزواته وأغلب حالاته- التحريم لها، والذي نقصده في هذه السطور أنه لا يلزم من كون البعض فعلها أو مارسها في عهد أبي بكر أن يكون مطلعًا عليها.

ونقول لو اطلع الصديق على فاعلها خلافته لوقف منها موقف الفاروق عمر -رضي اللَّه عنه- لأن الفاروق فُعلت في عهده ولم يطلع عليها كما يدل عليه حديث جابر الثاني ثم اطلع بعد ذلك، فنهى عنها وقال فيها أشد القول؛ ولعل السبب في عدم إطلاع الصديق عليها


(١) السابق.
(٢) زاد المعاد (٣/ ٤٦٢).
(٣) شرح النووي على مسلم (٥/ ٢٠٣)، وفتح الباري لابن حجر (٩/ ٧٨: ٧٧)، وشرح معاني الآثار (٣/ ٢٧)، ونيل الأوطار للشوكاني (٦/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>