لكونها -نكاح سر- حيث لم يشترط فيها الإشهاد، ولما كانت خالية عن الإعلان حق لها أن تخفي على القريب فضلًا عن المضطلع بأعباء الخلافة وأمر المسلمين كافة كأبي بكر -رضي اللَّه عنه-.
وفي ذلك يقول ابن العربي عن حديث جابر بما لفظه: فأما حديث جابر بأنهم فعلوها على عهد أبي بكر فذلك من اشتغال الخلق بالفتنة عن تمهيد الشريعة فلما علا الحق على الباطل وتفرغ المسلمون ونظروا في فروع الدين بعد تمهيد أصوله أنفذوا في تحريم المتعة ما كان مشهورًا لديهم، حتى رأى عمر معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن حريث فنهاهما.
فغاية الأمر أنهم لم يبلغهم النسخ وهذا ليس معناه أنهم استمتعوا بعلم من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وافقهم وأقرهم، أو أن الصدّيق أقرهم لقول جابر بأنهم فعلوها على عهد أبي بكر، أو أن عمر أقرهم قبل بيانه لتحريم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنها.
وليس معنى هذا أن ممارستها دليل على حلها كما يظن بعض الجهال. . . .؛ لأن أشياء كثيرة يمنعها القانون وتمارس من غير علم الحاكم، وإذا بلغ ذلك للحاكم وقف منها الموقف الذي يجب.
وما أحسن ما قاله شارح بلوغ المرام وهو: إن المبيحين إنما بنوا على الأصل لما لم يبلغهم الدليل الناسخ وليس مثل هذا من باب الاجتهاد وإنما هم معذورون لجهل الناسخ، فالمسألة لا اجتهاد فيها بعد ظهور النص، على أن الذي أوجب هذا الخفاء على بعض الصحابة ولم يعلم بالنسخ أمور أهمها:
أ- إن هذا النكاح (نكاح سر) حيث لم يشترط فيها الإشهاد، ولما كانت خالية عن الإعلان حق لها أن تخفى حتى على القريب.
ب- إن هذا النكاح وقع فيه الترخيص مرتين وقد يحضر الصحابي موطن الرخصة فيسمعه ويفوته سماع النهي مما أدى إلى تمسك بعضهم بالرخصة فيه.
والذي يعتقده أهل السنة في صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصورة عامة أنهم أحرص الناس على امتثال أوامر اللَّه تعالى والابتعاد عن نواهيه، فكل من بلغه نهي رسول اللَّه عن المتعة فذلك