للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولئك الوثنيين الجهلة قائلين: ١٥"أَيُّهَا الرِّجَال، لِماذَا تَفْعَلُونَ هذَا؟ نَحْنُ أيضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلَامٍ مِثْلُكُمْ، نُبَشِّرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ هذ الأَبَاطِيلِ إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، . . ." (أعمال الرسل: ١٤/ ٨ - ١٥). والآن؛ بعد أن ذكرنا النصوص الدالة على بطلان هذه العقيدة من القرآن، والسنة، والأناجيل الأربعة، ورسائل بولس؛ ننتقل إلى الأدلة التي استدل بها القوم على ألوهية المسيح، وهي في الحقيقة عبارة عن شبهات وليست أدلة، وسنسوق كل شبهة منها ونتبعها بالرد عليها.

الوجه السادس: بطلان أدلة النصارى على ألوهية المسيح عليه السلام.

[تمهيد]

وقبل أن نبدأ بمناقشة أدلة النصارى، فإنا نسجل ملاحظات هامة في هذا الباب:

١ - أنه لا يوجد نص واحد في الكتاب المقدس يصرح فيه المسيح بألوهيته أو يطلب من الناس عبادته.

٢ - كما لم يعبده أحد من معاصريه، ولم ينظر إليه هؤلاء إلا كمدع للنبوة، آمن به بعضهم، وكفر بنبوته الأكثرون من اليهود.

٣ - لكن دعوى ألوهيته لا أساس لها في الكتاب المقدس، وفي هذا الصدد يتحدى ديدات، كبير قساوسة السويد في مناظرتهما المتلفزة قائلًا: "أضع رأسي تحت مقصلة لو أطلعتموني على نص واحد قال فيه عيسى عن نفسه: أنا إله. أو قال: اعبدوني"، وهيهات أن يجدوه.

٤ - أنه لم يكن أحد من تلاميذ المسيح يعتقد ألوهية المسيح، إذ لم يعبده واحد منهم، بل كلهم وجميع معاصري المسيح ما كانوا يعتقدون أكثر من نبوته، كما مر وسيأتي معنا تفصيله.

٥ - ثم إن أقوى ما يتعلق به النصارى من الدليل، لا يوجد إلا في إنجيل يوحنا، ورسائل بولس، بينما تخلو الأناجيل الثلاثة من دليل واضح ينهض في إثبات ألوهية المسيح. بل إن خلو هذه الأناجيل عن الدليل المفقود هو الذي دفع يوحنا -أو كاتب يوحنا- لكتابة إنجيل عن لاهوت المسيح، فكتب ما لم يكتبه الآخرون، وجاءت كتابته مشبعة بالغموض والفلسفة الغريبة عن بيئة المسيح البسيطة التي صحبه بها العوام من أتباعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>