للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالدم الذي تراه المرأة مصحوبًا ببقاء الحمل لا يمكن أن يكون دم حيض ولا علاقة له ببقاء الجنين فترة أطول في الرحم، بل ربما يؤثر في نقص عمر الجنين أو وزنه، فالجنين الذي يبقى عادة مع الإجهاض المنذر ينزل دون التسعة أشهر أو ينزل دون الوزن الطبيعي.

وعليه فكل الآراء التي ربطت بين ضعف الولد ورقته بحدوث هذه الدماء وازدياد مدة الحمل أكثر من المدة المعهودة آراء غير صحيحة وليس عليها أي دليل علمي، بناء على هذا يمكن أن نقرر أن تعريف بعض السلف للغيض بأنه الدماء التي تراها الحامل في حملها يصب في بوتقة السقط، ويعتبر تعريفًا له بأحد لوازمه فالدماء هي الشيء الملازم غالبًا والمصاحب للسقط وبهذا نثبت أن التفسير القائل بأن الغيض هو السقط هو رأي الجمهور أيضًا.

[هل الغيض مطلق السقط أم السقط المبكر؟]

إن الفترة الزمنية التي يمكن أن يكون الإسقاط التلقائي فيها معبرًا عن الغيض المذكور في القرآن والسنة تقع في مرحلة التخليق وتبدأ من تكون النطفة الأمشاج مرورا بطوري العلقة والمضغة حتى وقت نفخ الروح في الجنين، والدليل: سؤال الملك الموكل بالرحم ربه عن مستقبل ومصير كل طور من أطوار الجنين الأولى والتي تقع في زمن التخليق هل ستنخلق أم لا؟

روى البخاري ومسلم بسنديهما عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "وكَّل اللَّه بالرحم ملكًا فيقول: أي رب نطفة؟ أي رب علقة؟ فإذا أراد اللَّه أن يقضي خلقها، قال: أي رب أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".

إن أسئلة الملك، أي رب نطفة؟ أي رب علقة؟ أي رب مضغة؟ هي أسئلة عن مستقبل تخلق هذه المرحلة؟ ومن ثم عن غيض الأرحام بها من عدمه، وفحوى أسئلته عندما يرى نطفتي الرجل والمرأة متقاربتين يا رب أيحدث التلقيح وتتكون النطفة الأمشاج وتغرس في جدار الرحم أم تسقط؟ وهل ستتخلق بعد ذلك إلى العلقة، وما فيها من مجموعات الخلايا الأساسية لأعضاء الجسم أم تهلك وتسقط؟

وربما يسأل الملك سؤالًا واحدًا شاملًا من البداية هل هذه النطفة مخلقة أم غير مخلقة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>